للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لاضم ليس له أسوار ... لما رآني ملك جبار

ببابه ما وضح النهار أنشده أبو بكر بن الأنباري حاشية في كتاب أبي عبيدة، و «السندس» : رقيق الديباج، و «الإستبرق» ما غلظ منه، وقال بعض الناس هي لفظة أعجمية عربت، وأصلها استبره، وقال بعضهم بل هو الفعل العربي، سمي به فهو إستبرق من الريق فغير حين سمي به بقطع الألف، ويقوي هذا القول أن ابن محيصن قرأ «من سندس وإستبرق» فجاء موصول الهمزة حيث وقع ولا يجزمه، بل بفتح القاف، ذكره الأهوازي، وذكره أبو الفتح، وقال هذا سهو أو كالسهو والْأَرائِكِ جمع أريكة هي السرير في المجال، والضمير في قوله وَحَسُنَتْ للجنات وحكى النقاش عن أبي عمران الجوني أنه قال: «الإستبرق» الحرير المنسوج بالذهب، وحكى مكي والزهراوي وغيرهما حديثا مضمنه أن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، سأل أعرابي رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الآي فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم للأعرابي: أعلم قومك أنها نزلت في هؤلاء الأربعة، وهم حضور.

قوله عز وجل:

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٣٢ الى ٣٤]

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً (٣٣) وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً (٣٤)

الضمير في لَهُمْ عائد على الطائفة المتجبرة التي أرادت من النبي عليه السلام أن يطرد فقراء المؤمنين الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ [الكهف: ٢٨] وعلى أولئك الداعين أيضا، فالمثل مضروب للطائفتين، إذ الرجل الكافر صاحب الجنتين هو بإزاء متجبر في قريش أو بني تميم على الخلاف المذكور أولا، والرجل المؤمن المقر بالربوبية، هو بإزاء بلال وعمار وصهيب وأقرانهم وَحَفَفْناهُما بمعنى وجعلنا ذلك لها من كل جهة، تقول حفك الله بخير: أي عمك به من جهاتك، و «الحفاف» الجانب من السرير والفدان ونحوه، وظاهر هذا المثل أنه بأمر وقع وكان موجودا، وعلى ذلك فسره أكثر أهل هذا التأويل، ويحتمل أن يكون مضروبا بمن هذه صفته وإن لم يقع ذلك في وجود قط، والأول أظهر، وروي في ذلك أنهما كانا أخوين من بني إسرائيل، ورثا أربعة آلاف دينار فصنع أحدهما بماله ما ذكر واشترى عبيدا وتزوج وأثرى وأنفق الآخر ماله في طاعات الله عز وجل حتى افتقر، والتقيا ففخر الغني ووبخ المؤمن، فجرت بينهما هذه المحاورة، وروي أنهما كانا شريكين حدادين، كسبا مالا كثيرا وصنعا نحو ما روي في أمر الأخوين، فكان من أمرهما ما قص الله في كتابه، وذكر إبراهيم بن القاسم الكاتب في كتابه في عجائب البلاد، أن بحيرة تنيس كانت هاتين الجنتين، وكانتا لأخوين، فباع أحدهما نصيبه من الآخر، وأنفق في طاعة الله حتى عيره الآخر، وجرت بينهما هذه المحاورة، قال: فغرقها الله في ليلة وإياها عنى بهذه الآية،

<<  <  ج: ص:  >  >>