للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضمير في «يسرنا» للقرآن، وهذا كقوله حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: ٣٢] لأن المعنى يقتضي المراد وإن لم يتقدم ذكره، ووقع التيسير في كونه بلسان محمد عليه السرم وبلغته المفهومة المبينة، وبشارة الْمُتَّقِينَ هي الجنة والنعيم الدائم والعز في الدنيا، و «القوم اللد» هم قريش ومعناه مجادلين مخاصمين بباطل، والألد الخاصم المبالغ في ذلك، وقال مجاهد لُدًّا فجارا ع: وهذا عندي فجور الخصومة ولا يلد إلا المبطل. والألد والألوى، بمعنى واحد، وفي الحديث «أبغض الرجال إلى الله تعالى الألد الخصم» ثم لما وصفهم الله تعالى بأنهم لد وهي صفة سوء بحكم الشرع والحق وجب أن يفسد عليهم بالوعيد والتمثيل بإهلاك من كان أشد منهم وألد وأعظم قدرا ما كان يسرهم في أنفسهم من الوصف بلد فإن العرب لجهالتها وعتوها وكفرها كانت تتمدح باللد وتراه إدراكا وشهامة فمن ذلك قوله الشاعر:

[الخفيف]

إن تحت الأحجار حزما وعزما ... وخصيما ألد ذا مغلاق

فمثل لهم بإهلاك من قبلهم ليحتقروا أنفسهم، ويبين صغر شأنهم وعبر المفسرون عن «اللد» بالفجرة وبالظلمة وتلخيص معناها ما ذكرناه و «القرن» الأمة، و «الركز» الصوت الخفي دون نطق بحروف ولا فم وإنما هو صوت الحركات وخشفتها ومنه قول لبيد:

فتوجست ركز الأنيس فراعها ... عن ظهر غيب والأنيس سقامها

فكأنه يقول أو تسمع من أخبارهم قليلا أو كثيرا أو طرفا خفيا ضعيفا وهذا يراد به من تقدم أمره من الأمم ودرس خبره، وقد يحتمل أن يريد هل بقي لأحد منهم كلام أو تصويب بوجه من الوجوه فيدخل في هذا من عرف هلاكه من الأمم.

<<  <  ج: ص:  >  >>