للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمى الوجيس وعبر المفسرون عن أوجس بأضمر وهذه العبارة أعم من الوجيس بكثير. وخِيفَةً يصح أن يكون أصلها خوفة قلبت الواو ياء للتناسب، وخوف موسى عليه السلام إنما كان على الناس أن يضلوا لهول ما رأى والأول أصوب أنه أوجس على الجملة وبقي ينتظر الفرج، وقوله أَنْتَ الْأَعْلى أي الغالب لمن ناوأك في هذا المقام، وقرأ جمهور القراء «تلقّف» بالجزم على جواب الأمر وبشد القاف، وقرأ ابن عامر وحده «تلقف» وهو في موضع الحال ويصح أن يكون من الملقى على اتساع ويصح أن يكون من الملقى وهي العصا وهذه حال، وإن كانت لم تقع بعد كقوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: ٩٥] وهذا كثير. وقرأ حفص عن عاصم «تلقف» بسكون اللام وتخفيف القاف وأنث الفعل وهو مسند إلى ما في اليمين من حيث كانت العصا مرادة بذلك، وروى البزي عن ابن كثير أنه كان يشدد التاء من «تلقف» كأنه أراد تتلقف فأدغم، وأنكر أبو علي هذه القراءة ع ويشبه أن قارئها إنما يلتزمها في الوصل حيث يستغنى عن جلب ألف، وقرأ الجمهور «كيد ساحر» برفع الكيد، وقرأ حمزة والكسائي «كيد سحر» ، وقرأت فرقة «كيد» بالنصب «سحر» وهذا على أن «ما» كافة و «كيد» منصوب ب صَنَعُوا، ورفع «كيد» على أن «ما» بمعنى الذي. ويُفْلِحُ معناه يبقى ويظفر ببغيته، وقالت فرقة معناه أن الساحر يقتل حيث ثقف ع وهذا جزاء من عدم الفلاح. وقرأت فرقة «أين أتى» والمعنى بهما متقارب، وروي من قصص هذه الآية أن فرعون، لعنه الله، جلس في عليه له طولها ثمانون ذراعا والناس تحته في بسيط وجاء سبعون ألف ساحر فألقوا من حبالهم وعصيهم ما فيه وقر ثلاثمائة بعير فهال الأمر.

ثم إن موسى عليه السلام ألقى عصاه من يده فاستحالت ثعبانا وجعلت تنمو حتى روي أنها عبرت النهر بذنبها، وقيل البحر، وفرعون في هذا يضحك ويرى أن الاستواء حاصل، ثم أقبلت تأكل الحبال والعصي حتى أفنتها ففرت نحو فرعون ففزع عند ذلك وقال يا موسى فمد موسى يده إليها فرجعت عصى كما كانت فنظر السحرة وعلموا الحق ورأوا الحبال والعصي فآمنوا رضي الله عنهم.

قوله عز وجل:

[سورة طه (٢٠) : الآيات ٧٠ الى ٧١]

فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١)

في خلال هذه الآيات تقدير وحذف يدل عليه ظاهر القول فالمقدر من ذلك هنا فألقى موسى عصاه فالتقمت كل ما جاؤوا به أو نحو هذا، وروي أن السحرة لما رأوا العصا لا أثر فيها للسحر ثم رأت انقلابها حية وأكلها للحبال والعصي ثم رجوعها إلى حالها وعدم الحبال والعصي أيقنوا بنبوءة موسى وأن الأمر من عند الله تعالى وقدم هارُونَ قبل مُوسى لتستوي رؤوس آي السور فنقل معنى السحرة وهذا كقوله عز وجل: أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى [طه: ٥٣] تأخر شتى إنما هو لتستوي رؤوس الآي، وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم وورش عن نافع «آمنتم» على الخبر، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر «ءامنتم» بهمزة

<<  <  ج: ص:  >  >>