للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم أبدا. وروي أنه كان من دينهم قتل الكذاب فغضب حينئذ على ربه وخرج على وجهه حتى دخل في سفينة في البحر ع وفي هذا القول من الضعف ما لا خفاء به مما لا يتصف به نبي، واختلف الناس في قوله تعالى: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فقالت فرقة استزله إبليس ووقع في ظنه إمكان أن لا يقدر الله عليه بمعاقبة ع وهذا قول مردود، وقالت فرقة ظن أن لن يضيق عليه في مذهبه من قوله تعالى: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ [الإسراء: ٣٠] ، وقالت فرقة هو من القدر، أي ظن أن لن يقدر الله عليه بعقوبة، وقالت فرقة الكلام بمعنى الاستفهام، أي أفظن أن لن يقدر الله عليه، وحكى منذر بن سعيد أن بعضهم قرأ «أفظن» بالألف، وقرأ الزهري «تقدّر» بضم النون وفتح القاف وشد الدال، وقرأ الحسن «يقدر» وعنه أيضا «نقدر» ، وبعد هذا الكلام حذف كثير اقتضب لبيانه في غير هذه الآية، المعنى فدخل البحر وكذا حتى التقمه الحوت وصار في ظلمة جوفه، واختلف الناس في جمع الظُّلُماتِ ما المراد به فقالت فرقة ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة الحوت، وقالت فرقة ظلمة البحر وظلمة الحوت التقم الحوت الأول الذي التقم يونس ع ويصح أن يعبر ب الظُّلُماتِ عن جوف الحوت الأول فقط كما قال في غيابات الجب وفي كل جهاته ظلمة فجمعها سائغ، وروي أن يونس سجد في جوف الحوت حين سمع تسبيح الحيتان في قعر البحر ثم قال في دعائه «اللهم إني قد اتخذت لك مسجدا في موضع لم يتخذه أحد قبلي» وأَنْ مفسرة نحو قوله تعالى أَنِ امْشُوا [ص: ٦] وفي هذا نظر وقوله تعالى: مِنَ الظَّالِمِينَ يريد فيما خالف فيه من ترك مداومة قومه والصبر عليهم هذا أحسن الوجوه وقد تقدم ذكر غيره فاستجاب الله تعالى له وأخرجه إلى البر، ووصف هذا يأتي في موضعه، والْغَمِّ ما كان ناله حين التقمه الحوت، وقرأ جمهور القراء «ننجي» بنونين الثانية ساكنة، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر «نجي» بنون واحدة مضمومة وشد الجيم، ورويت عن أبي عمرو، وقرأت فرقة «ننجّي» بنونين الأولى مضمومة والثانية مفتوحة والجيم مشددة، فأما القراءة الأولى والثالثة فبينتان الأولى فعلها معدى بالهمزة والأخرى بالتضعيف، وأما القراءة الوسطى التي هي بنون واحدة مضمومة وجيم مشددة وياء ساكنة فقال أبو علي لا وجه لها وإنما هي وهم من السامع، وذلك أن عاصما قرأ «ننجي» والنون الثانية لا يجوز إظهارها لأنها تخفى مع هذه الحروف يعني الجيم وما جرى مجراها فجاء الإخفاء يشبهها بالإدغام، ويمتنع أن يكون الأصل «ننجي» ثم يدعو اجتماع النونين إلى إدغام إحداهما في الجيم لأن اجتماع المثلين إنما يدعو إلى ذلك إذا كانت الحركة فيهما متفقة، ويمتنع أن يكون الأصل «نجي» وتسكن الياء ويكون المفعول الذي لم يسم فاعله المصدر كأنه قال «نجي

» النجاء المؤمنين لأن هذه لا تجيء إلا في ضرورة فليست في كتاب الله والشاهد فيها قول الشاعر: [الوافر]

ولو ولدت قفيزة جرو كلب ... لسب بذلك الجرو الكلابا

وأيضا فإن الفعل الذي يبنى للمفعول إذا كان ماضيا لم يسكن آخره ع والمصاحف فيها نون واحدة كتبت كذلك من حيث النون الثانية مخفية.

قوله عز وجل:

[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٨٩ الى ٩٠]

وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (٩٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>