للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والْمُخْبِتِينَ المتواضعين الخاشعين من المؤمنين، والخبت ما انخفض من الأرض والمخبت المتواضع الذي مشيه متطامن كأنه في حدود من الأرض وقال عمرو بن أوس المخبتون الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا.

قال القاضي أبو محمد: وهذا مثال شريف من خلق المؤمن الهين اللين، وقال مجاهد: هم المطمئنون بأمر الله، ووصفهم تعالى بالخوف والوجل عند ذكر الله، وذلك لقوة يقينهم ومراعاتهم لربهم، وكأنهم بين يديه، ووصفهم بالصبر وبإقامة الصلاة وإدامتها، وقرأ الجمهور «الصلاة» بالخفض، وقرأ ابن أبي إسحاق «الصلاة» بالنصب على توهم النون وأن حذفها للتخفيف، ورويت عن أبي عمرو، وقرأ الأعمش «والمقيمين الصلاة» بالنون والنصب في «الصلاة» ، وقرأ الضحاك «والمقيم الصلاة» ، وروي أن هذه الآية، قوله وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.

قوله عز وجل:

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]

وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧)

البدن جمع بدنة وهي ما أشعر من ناقة أو بقرة، قاله عطاء وغيره وسميت بذلك لأنها تبدن أي تسمن، وقيل بل هذا الاسم خاص بالإبل، وقالت فرقة الْبُدْنَ جمع بدن بفتح الدال والباء ثم اختلفت، فقال بعضها الْبُدْنَ مفرد اسم جنس يراد به العظيم السمين من الإبل والبقر، ويقال للمسلمين من الرجال بدن، وقال بعضها الْبُدْنَ جمع بدنة كثمرة وثمر، وقرأ الجمهور «والبدن» ساكنة الدال، وقرأ أبو جعفر وشيبة والحسن وابن أبي إسحاق «البدن» بضم الدال، فيحتمل أن يكون جمع بدنة كثمر، وعدد الله تعالى في هذه الآية نعمته على الناس في هذه الْبُدْنَ، وقد تقدم القول في «الشعائر» ، و «الخير» قيل فيه ما قيل في المنافع التي تقدم ذكرها والصواب عمومه في خير الدنيا والآخرة، وقوله، عَلَيْها يريد عند نحرها، وقرأ جمهور الناس «صوافّ» بفتح الفاء وشدها جمع صافّة أي مصطفة في قيامها، وقرأ الحسن ومجاهد وزيد بن أسلم وأبو موسى الأشعري وشقيق وسليمان التيمي والأعرج «صوافي» جمع صافية أي خالصة لوجه الله تعالى لا شركة فيها لشيء كما كانت الجاهلية تشرك، وقرأ الحسن أيضا «صواف» بكسر الفاء وتنوينها مخففة وهي بمعنى التي قبلها لكن حدفت الياء تخفيفا على غير قياس وفي هذا نظر، وقرأ ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبو جعفر محمد بن علي «صوافن» بالنون جمع صافنة وهي التي قد رفعت إحدى يديها بالعقل لئلا تضطرب، والصافن من الخيل الرافع لفراهيته إحدى يديه وقيل إحدى رجنيه ومنه قوله تعالى: الصَّافِناتُ الْجِيادُ [ص: ٣١] .

وقال عمرو بن كلثوم:

تركنا الخيل عاكفة عليه ... مقلدة أعنتها صفونا

<<  <  ج: ص:  >  >>