للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الفقيه الإمام القاضي: أراد بزنى، ويدل على ذلك حديثه المروي مع امرأته وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنيه «لهما أشبه به من الغراب بالغراب» ، وقيل كان حصورا لا يأتي النساء ذكره ابن إسحاق من طريق عائشة، وقتل شهيدا رضي الله عنه في غزوة أرمينية سنة تسع عشرة في زمن عمر، وقيل في بلاد الروم سنة ثمان وخمسين في زمن معاوية، وقوله عُصْبَةٌ رفع على البدل من الضمير في جاؤُ وخبر إِنَّ في قوله لا تَحْسَبُوهُ والتقدير إن فعل الذين، وهذا أنسق في المعنى وأكثر فائدة من أن يكون عُصْبَةٌ خبر إِنَّ و «العصبة» الجماعة من العشرة إلى الأربعين، قاله يعقوب وغيره ولا يقال عصبة لأقل من عشرة ولم يسم من أهل «الإفك» إلا حسان ومسطح وحمنة وعبد الله وجهل الغير قاله عروة بن الزبير وقد سأله عن ذلك عبد الملك بن مروان وقال ألا إنهم كانوا عُصْبَةٌ كما قال الله تعالى.

وقوله لا تَحْسَبُوهُ خطاب لكل من ساءه من المؤمنين، وقوله بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ يريد أنه تبرئة في الدنيا وترفيع من الله تعالى في أن نزل وحيه بالبراءة من ذلك وأجر جزيل في الآخرة وموعظة للمؤمنين في غابر الزمن، ونقمة من المفترين في الدنيا والآخرة، ففي ذلك شفاء وخير وهذه خمسة أوجه، والضمير في قوله مِنْهُمْ عائد على العصبة المذكورة، واكْتَسَبَ مستعملة في المآثم ونحوها لأنها تدل على اعتمال وقصد فهو أبلغ في التذنيب، وكسب مستعمل في الخير وذلك أن حصوله مغن عن الدلالة على اعتمال فيه، وقد تستعمل كسب في الوجهين ومثله:

فحملت برة واحتملت فجاره، والإشارة بقوله وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ إلى عبد الله بن أبي ابن سلول، والعذاب المتوعد به هو عذاب الآخرة، وهذا قول الجمهور وهو ظاهر الحديث، وروي عن عائشة رضي الله عنها أن حسان بن ثابت دخل عليها يوما وقد عمي فأنشدها مدحه فيها: [الطويل]

حصان رزان ما تزنّ بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

فقالت له عائشة: لا لكنك لست كذلك تريد أنه وقع في الغوافل فأنشد: [الطويل]

فإن كان ما قد قيل عني قلته ... فلا رفعت سوطي إليّ أناملي

فلما خرج قال لها مسروق أيدخل هذا عليك وقد قال ما قال وتوعده الله بالعذاب على توليه كبر الإفك، فقالت عائشة أي عذاب أشد من العمى، وضرب الحد؟ وفي بعض الروايات وضربه بالسيف ع فأما قولها عن الحد فإن حسان وحمنة ومسطحا حدوا، ذكر ذلك ابن إسحاق وذكره الترمذي وأما ضربه بالسيف فإن صفوان بن المعطل لما بلغه قول حسان في الإفك جاء فضربه بالسيف ضربة على رأسه وقال:

[الطويل]

تلق ذباب السيف عني فإنني ... غلام إذا هو جيت لست بشاعر

فأخذ جماعة صفوان ولببوه وجاؤوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم جرح حسان أو استوهبه إياه وهذا يقتضي أن حسان من تولى الكبر، وقال قوم الإشارة ب الَّذِي إلى البادي بهذه الفرية والذي اختلقها ف لِكُلِّ واحد مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ وللبادي المفتري عذاب عظيم، وهو على هذا غير معين وهذا قول الضحاك والحسن وقال أبو زيد وغيره هو عبد الله بن أبي، وقرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>