للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستمائة ألف أدهم من الخيل حاشى سائر الألوان، وروي أن بني إسرائيل كانوا ستمائة ألف وسبعين ألفا قاله ابن عباس والله أعلم بصحته، وإنما اللازم من الآية الذي يقطع به أن موسى عليه السلام خرج بجمع عظيم من بني إسرائيل وأن فرعون تبعه بأضعاف ذلك العدد، قال ابن عباس كان مع فرعون ألف جبار كلهم عليه تاج وكلهم أمير خيل، و «الشرذمة» الجمع القليل المحتقر، وشرذمة كل شيء بقيته الخسيسة وأنشد أبو عبيدة: «تخذين في شراذم النعال» .

وقال الآخر: [الرجز]

جاء الشتاء وقميصي أخلاق ... شراذم يضحك منها النواق

وقوله لَغائِظُونَ يريد بخلافهم الأمر وبأخذهم الأموال عارية وتفلتهم منهم تلك الليلة على ما روي، قال أبو حاتم، وقرأ من لا يؤخذ عنه «لشر ذمة قليلون» وليست هذه موثوقة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «حذرون» وهو جمع حذر وهو المطبوع على الحذر وهو هاهنا غير عامل، وكذلك هو في قول أبي أحمر:

[السريع]

هل ينسئن يومي إلى غيره ... أنى حوالى وإني حذر

واختلف في عمل فعل فقال سيبويه إنه عامل وأنشد: [الكامل]

حذر أمورا لا تضير وآمن ... ما ليس منجيه من الأقدار

وادعى اللاحقي تدليس هذا البيت على سيبويه، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «حاذرون» وهو الذي أخذ يحذر، وقال عباس بن مرداس: [الوافر]

وإني حاذر أنهي سلاحي ... إلى أوصال ذيال صنيع

وقرأ ابن أبي عمارة وسميط بن عجلان «حادرون» بالدال غير منقوطة من قولهم عين حدرة أي معينة فالمعنى ممتلئون غضبا وأنفة، والضمير في قوله فَأَخْرَجْناهُمْ عائد على القبط، و «الجنات والعيون» بحالتي النيل في أسوان إلى رشيد قاله ابن عمر وغيره، و «الكنوز» قيل هي إشارة إلى الأموال التي احتجنوها قال مجاهد لأنهم لم ينفقوها قط في طاعة، وقيل هي إشارة إلى كنوز المعظم ومطالبه وهي باقية إلى اليوم، «والمقام الكريم» قال ابن لهيعة هو الفيوم، وقيل يعني به المنابر، وقيل مجالس الأمراء والحكام، وقال النقاش المساكن الحسان، وقرأ الأعرج وقتادة بضم الميم من «مقام» ، وتوريث بني إسرائيل يحتمل مقصدين: أحدهما أنه تعالى ورثهم هذه الصفة من أرض الشام، والآخر أنه ورثهم مصر ولكن بعد مدة طويلة من الدهر قاله الحسن، على أن التواريخ لم تتضمن ملك بني إسرائيل في مصر ومُشْرِقِينَ، معناه عند شروق الشمس، أي حين دخلوا فيه، وقيل معناه نحو الشرق، وقرأ الحسن «فاتّبعوهم» بصلة الألف وشد التاء، والجمهور على قطع الألف وسكون التاء، فلما لحق فرعون بجمعه جمع موسى وقرب منهم ورأت بنو إسرائيل العدد القوي وراءهم والبحر أمامهم ساءت ظنونهم وقالوا لموسى عليه السلام على جهة التوبيخ والجفاء إِنَّا لَمُدْرَكُونَ أي هذا رأيك، فرد عليهم قولهم وزجرهم وذكر وعد الله له بالهداية

<<  <  ج: ص:  >  >>