للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يسارع إلى الإيمان بك ولكن تطاول الأمر على القرون التي أنشأناها زمنا زمنا فعزبت حلومهم واستحكمت جهالتهم وضلالتهم، وقَضَيْنا معناه أبعدنا وصيرنا، والْأَمْرَ يعني النبوءة، وقالت فرقة:

يعني ما أعلمه به من أمر محمد صلى الله عليه وسلم.

قال القاضي أبو محمد: وهذا تأويل حسن يلتئم معه ما بعده من قوله: وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً، و «الثاوي» المقيم، وقوله وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ يريد وقت إنزال التوراة إلى موسى.

وقوله تعالى: إِذْ نادَيْنا، روي عن أبي هريرة أنه نودي يومئذ من السماء يا أمة محمد استجبت لكم قبل أن تدعوني وغفرت لكم قبل أن تسألوني، فحينئذ قال موسى عليه السلام: اللهم اجعلني من أمة محمد، فالمعنى إِذْ نادَيْنا بأمرك وأخبرنا بنبوتك وقوله رَحْمَةً نصب على المصدر أو مفعول من أجله، وقوله وَلكِنْ مرتبط بقوله وَما كُنْتَ أي وَلكِنْ جعلناك وأنفذنا أمرك قديما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أو يكون المعنى وَلكِنْ أعلمناك ونبأناك رَحْمَةً منا لك وإفضالا، وقرأ الناس «رحمة» بالنصب، وقرأ عيسى «رحمة» بالرفع، ويريد بالقوم الذين لم يأتهم نذير معاصر به من العرب، وباقي الآية بين، وقال الطبري: معنى قوله إِذْ نادَيْنا بأن سأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.

قوله عز وجل:

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]

وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ (٤٨) قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٩) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠)

«المصيبة» عذاب في الدنيا على كفرهم، وجواب لَوْلا محذوف يقتضيه الكلام تقديره لعاجلناهم بما يستحقونه، وقال الزجاج: تقديره لما أرسلنا الرسل، وقوله جاءَهُمُ الْحَقُّ يريد القرآن ومحمدا عليه السلام، والمقالة التي قالتها قريش لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى كانت من تعليم اليهود لهم قالوا لهم لم لا يأتي بآية باهرة كالعصا واليد ونتق الجبل وغير ذلك، فعكس الله عليهم قولهم ووقفهم على أنه قد وقع منهم في تلك الآيات ما وقع من هؤلاء في هذه، فالضمير في يَكْفُرُوا لليهود، وقرأ الجمهور «ساحران» والمراد بهما موسى وهارون قاله مجاهد، وقال الحسن: موسى وعيسى وقال ابن عباس: موسى ومحمد، وقال الحسن أيضا: عيسى ومحمد عليهما السلام، والأول أظهر، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم «سحران» والمراد

<<  <  ج: ص:  >  >>