للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله وَعاداً منصوب بفعل مضمر تقديره واذكر عادا، وقيل هو معطوف على الضمير في قوله فَأَخَذَتْهُمُ، وقال الكسائي هو معطوف على قوله وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [العنكبوت: ٣] ، وقرأ، «وثمودا» عاصم وأبو عمرو وابن وثاب، وقرأ «وثمود» بغير تنوين أبو جعفر وشيبة والحسن، وقرأ ابن وثاب «وعاد وثمود» بالخفض والتنوين، ثم دل عز وجل على ما يعطي العبرة في بقايا مَساكِنِهِمْ ورسوم منازلهم ودثور آثارهم، وقرأ الأعمش «تبين لكم مساكنهم» دون «من» ، وقوله تعالى: وَزَيَّنَ لَهُمُ عطف جملة من الكلام على جملة، والسَّبِيلِ، هي طريق الإيمان بالله ورسله، ومنهج النجاة من النار، وقوله، مُسْتَبْصِرِينَ، قال ابن عباس ومجاهد والضحاك معناه لهم بصيرة في كفرهم وإعجاب به وإصرار عليه فذمهم بذلك، وقيل لهم بصيرة في أن الرسالة والآيات حق لكنهم كانوا مع ذلك يكفرون عنادا ويردهم الضلال إلى مجاهله ومتالفه، فيجري هذا مجرى قوله تعالى في غيرهم وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ [النمل: ١٤] ، وتزيين الشيطان هو بالوسواس ومناجاة ضمائر الناس، وتزيين الله تعالى الشيء هو بالاختراع وخلق محبته والتلبس به في نفس العبد.

قوله عز وجل:

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]

وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩) فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠)

نصب قارُونَ إما بفعل مضمر تقديره اذكر وإما بالعطف على ما تقدم، وقارُونَ من بني إسرائيل وهو الذي تقدمت قصته في الكنوز وفي البغي على موسى بن عمران عليه السلام، وَفِرْعَوْنَ مشهور، وهامانَ وزيره، وهو من القبط، و «البينات» المعجزات والآيات الواضحة، وسابِقِينَ، معناه مفلتبن من أخذنا وعقابنا، وقيل معناه سابِقِينَ أولياءنا، وقيل معناه ما كانُوا سابِقِينَ الأمم إلى الكفر، أي قد كانت تلك عادة أمم مع رسل، والذين أرسل عليهم الحاصب قال ابن عباس: هم قوم لوط.

قال الفقيه الإمام القاضي: ويشبه أن يدخل قوم عاد في «الحاصب» لأن تلك الريح لا بد أنها كانت تحصبهم بأمور مؤذية، و «الحاصب» هو العارض من ريح أو سحاب إذا رمى بشيء، ومنه قول الأخطل:

[الكامل]

ترمي العضاة بحاصب من ثلجها ... حتى يبيت على العضاة جفالا

ومنه قول الفرزدق: [البسيط]

مستقبلين شمال الشام تضربهم ... بحاصب كنديف القطن منثور

<<  <  ج: ص:  >  >>