للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحلق العانة، ونتف الإبط، والاستنجاء بالماء، والاختتان، وقال ابن عباس أيضا: هي عشرة خصال، ست في البدن وأربع في الحج: الختان، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، والغسل يوم الجمعة، والطواف بالبيت، والسعي، ورمي الجمار، والإفاضة، وقال الحسن بن أبي الحسن: هي الخلال الست التي امتحن بها، الكوكب، والقمر، والشمس، والنار، والهجرة، والختان، وقيل بدل الهجرة: الذبح، وقالت طائفة: هي مناسك الحج خاصة، وروي أن الله عز وجل أوحى إليه أن تطهر، فتمضمض، ثم أن تطهر فاستنشق، ثم أن تطهر فاستاك، ثم أن تطهر فأخذ من شاربه، ثم أن تطهر ففرق شعره، ثم أن تطهر فاستنجى، ثم أن تطهر فحلق عانته، ثم أن تطهر فنتف إبطه، ثم أن تطهر فقلم أظفاره، ثم أن تطهر فأقبل على جسده ينظر ما يصنع فاختتن بعد عشرين ومائة سنة.

قال القاضي أبو محمد: وفي البخاري أنه اختتن وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم.

وقال الراوي: فأوحى الله إليه إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً يأتمون بك في هذه الخصال، ويقتدي بك الصالحون.

قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وهذا أقوى الأقوال في تفسير هذه الآية، وعلى هذه الأقوال كلها فإبراهيم عليه السلام هو الذي أتم.

وقال مجاهد وغيره: إن الكلمات هي أن الله عز وجل قال لإبراهيم: إني مبتليك بأمر فما هو؟ قال إبراهيم: تجعلني للناس إماما، قال الله: نعم، قال إبراهيم: تجعل البيت مثابة، قال الله: نعم، قال إبراهيم وأمنا، قال الله: نعم، قال إبراهيم: وترينا مناسكنا وتتوب علينا، قال الله: نعم، قال إبراهيم:

تجعل هذا البلد آمنا، قال الله: نعم، قال إبراهيم: وترزق أهله من الثمرات، قال الله: نعم.

قال القاضي أبو محمد: فعلى هذا القول فالله تعالى هو الذي أتم، وقد طول المفسرون في هذا، وذكروا أشياء فيها بعد فاختصرتها، وإنما سميت هذه الخصال كلمات، لأنها اقترنت بها أوامر هي كلمات، وروي أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لما أتم هذه الكلمات أو أتمها الله عليه كتب الله له البراءة من النار، فذلك قوله تعالى: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى [النجم: ٣٧] .

والإمام القدوة، ومنه قيل لخيط البناء: إمام، وهو هنا اسم مفرد، وقيل في غير هذا الموضع: هو جمع آم وزنه فاعل أصله آمم، فيجيء مثل قائم وقيام وجائع وجياع ونائم ونيام.

وجعل الله تعالى إبراهيم إماما لأهل طاعته، فلذلك أجمعت الأمم على الدعوى فيه، وأعلم الله تعالى أنه كان حنيفا، وقول إبراهيم عليه السلام: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي، هو على جهة الدعاء والرغبى إلى الله، أي ومن ذريتي يا رب فاجعل، وقيل: هذا منه على جهة الاستفهام عنهم، أي ومن ذريتي يا رب ماذا يكون؟ والذرية مأخوذة من ذرا يذرو أو من ذرى يذري أو من ذر يذر أو من ذرأ يذرأ، وهي أفعال تتقارب معانيها، وقد طول في تعليلها أبو الفتح وشفى.

وقوله تعالى: قالَ لا يَنالُ عَهْدِي، أي قال الله، والعهد فيما قال مجاهد: الإمامة، وقال السدي:

<<  <  ج: ص:  >  >>