للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي منكشفة للعدو، وقيل أراد خالية للسراق، ويقال أعور المنزل إذا انكشف ومنه قول الشاعر:

له الشدة الأولى إذا القرن أعورا قال ابن عباس «الفريق» بنو حارثة، وهم كانوا عاهدوا الله إثر أحد لا يولون الأدبار، وقرأ ابن عباس وابن يعمر وقتادة وأبو رجاء «عورة» بكسر الواو فيهما وهو اسم فاعل، قال أبو الفتح صحة الواو في هذه شاذة لأنها متحركة قبلها فتحة، وقرأ الجمهور «عورة» ساكنة الواو على أنه مصدر وصف به، و «البيت المعمور» هو المنفرد المعرض لمن شاءه بسوء، فأخبر الله تعالى عن بيوتهم أنها ليست كما ذكروه وأن قصدهم الفرار، وأن ما أظهروه من أنهم يريدون حماية بيوتهم وخاصة نفوسهم ليس كذلك، وأنهم إنما يكرهون نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويريدون حربه وأن يغلب وَلَوْ دُخِلَتْ المدينة مِنْ أَقْطارِها واشتد الخوف الحقيقي، ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ والحرب لمحمد وأصحابه لطاروا إليها وأتوها محبين فيها «ولم يتلبثوا» في بيوتهم لحفظها إِلَّا يَسِيراً، قيل قدر ما يأخذون سلاحهم، وقرأ الحسن البصري ثم «سولوا الفتنة» بغير همز وهي من سال يسال كخاف يخاف لغة في سال العين فيها واو.

وحكى أبو زيد هما يتساولان، وروي عن الحسن «سيسلوا الفتنة» ، وقرأ مجاهد «سويلوا» بالمد، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر «لاتوها» بمعنى فجاؤوها، وقرأ عاصم وأبو عمرو «لآتوها» بمعنى لأعطوها من أنفسهم وهي قراءة حمزة والكسائي فكأنها رد على السؤال ومشبهة له، قال الشعبي: وقرأها النبي عليه السلام بالمد، ثم أخبر تعالى عنهم أنهم قد كانُوا عاهَدُوا على أن لا يفروا وروي عن يزيد بن رومان أن هذه الإشارة إلى بني حارثة.

قال الفقيه الإمام القاضي: وهم مع بني سلمة كانتا الطائفتين اللتين همتا بالفشل يوم أحد، ثم تابا وعاهدا على أن لا يقع منهم فرار فوقع يوم الخندق من بني حارثة هذا الاستئذان وفي قوله تعالى: وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا توعد، والأقطار: النواحي، أحدها قطر وقتر، والضمير في بِها يحتمل المدينة ويحتمل الْفِتْنَةَ.

قوله عز وجل:

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ١٦ الى ١٨]

قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٧) قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٨)

أمر الله تعالى نبيه في هذه الآية أن يخاطبهم بتوبيخ، فأعلمهم بأن الفرار لا ينجيهم من القدر، وأعلمهم أنهم لا يمتعون في تلك الأوطان كثيرا، بل تنقطع أعمارهم في يسير من المدة، و «القليل» الذي استثناه هي مدة الآجال قاله الربيع بن خثيم، ثم وقفهم على عاصم من الله يسندون إليه، ثم حكم بأنهم لا يجدون ذلك ولا ولي ولا نصير من الله عز وجل، وقرأت فرقة «يمتعون» بالياء، وقرأت فرقة «تمتعون» بالتاء

<<  <  ج: ص:  >  >>