للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمن القول، وهو الذي يحسن أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ قال ابن عباس: اتقوا الشرك.

واللام في قوله: لِيُكَفِّرَ يحتمل أن تتعلق بقوله: الْمُحْسِنِينَ، أي الذين أحسنوا لكي يكفر، وقاله ابن زيد. ويحتمل أن تتعلق بفعل مضمر مقطوع مما قبله، كأنك قلت: يسرهم الله لذلك ليكفر، لأن التكفير لا يكون إلا بعد التيسير للخير، واستدلوا على أن عَمِلُوا هو كفر أهل الجاهلية ومعاصي أهل الإسلام.

وقوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ تقوية لنفس النبي عليه السلام، لأن كفار قريش كانت خوفته من الأصنام، وقالوا يا محمد أنت تسبها ونخاف أن تصيبك بجنون أو علة، فنزلت الآية في ذلك.

وقرأ حمزة والكسائي: «عباده» يريد الأنبياء المختصين به، وأنت أحدهم، فيدخل في ذلك المطيعون من المؤمنين والمتوكلون على الله، وهذه قراءة أبي جعفر ومجاهد وابن وثاب وطلحة والأعمش.

وقرأ الباقون: «عبده» وهو اسم جنس، وهي قراءة الحسن وشيبة وأهل المدينة ويقوي أن الإشارة إلى محمد عليه السلام قوله: وَيُخَوِّفُونَكَ.

وقوله: مِنْ دُونِهِ يريد بالذين يعبدون من دونه، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى كسر العزى، فقال سادنها: يا خالد، إني أخاف عليك منها، فلها قوة لا يقوم لها شيء، فأخذ خالد الفأس فهشم به وجهها وانصرف. ثم قرر تعالى الهداية والإضلال من عنده بالخلق والاختراع، وأن ما أراد من ذلك لا راد له. ثم توعدهم بعزته وانتقامه، فكان ذلك، وانتقم منهم يوم بدر وما بعده.

قوله عز وجل:

[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٣٨ الى ٤٠]

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠)

هذا ابتداء احتجاج عليهم بحجة أخرى، وجملتها أن وقفوا على الخالق المخترع، فإذا قالوا إنه الله لم يبق لهم في الأصنام غرض إلا أن يقولوا إنها تنفع وتضر، فلما تقعد من قولهم إن الله هو الخالق، قيل لهم أَفَرَأَيْتُمْ هؤلاء إذا أراد الله أمرا بهم قدرتم على نقضه؟ وحذف الجواب عن هذا، لأنه من البين أنه لا يجيب أحد إلا بأنه لا قدرة بالأصنام على شيء من ذلك.

وقرأ: «إن أرادني» بياء مفتوحة جمهور القراء والناس. وقرأ الأعمش: أَرادَنِيَ اللَّهُ بحذف الياء في الوصل، وروى خارجة «إن أراد» بغير ياء.

وقرأ جمهور القراء والأعرج وأبو جعفر والأعمش وعيسى وابن وثاب: «كاشفات ضرّه» بالإضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>