للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاعل المضمر، تقديره كحبكم الله أو كحبهم الله حسبما قدر كل وجه منها فرقة، ومعنى كحبهم أي يسوون بين محبة الله ومحبة الأوثان.

ثم أخبر أن المؤمنين أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ لإخلاصهم وتيقنهم الحق.

وقوله تعالى: ولو ترى الذين ظلموا قرأ نافع وابن عامر «ترى» بالتاء من فوق، و «أن» بفتح الألف، و «أن» الأخرى كذلك عطف على الأولى، وتقدير ذلك: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم للعذاب وفزعهم منه واستعظامهم له لأقروا أن القوة لله، فالجواب مضمر على هذا النحو من المعنى، وهو العامل في «أن» ، وتقدير آخر: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم للعذاب وفزعهم منه لعلمت أن القوة لله جميعا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم علم ذلك، ولكن خوطب والمراد أمته، فإن فيهم من يحتاج إلى تقوية علمه بمشاهدة مثل هذا، وتقدير ثالث: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم للعذاب لأن القوة لله لعلمت مبلغهم من النكال ولاستعظمت ما حل بهم، فاللام مضمرة قبل «أن» ، فهي مفعول من أجله، والجواب محذوف مقدر بعد ذلك، وقد حذف جواب لَوْ مبالغة، لأنك تدع السامع يسمو به تخيله، ولو شرحت له لوطنت نفسه إلى ما شرحت، وقرأ الحسن وقتادة وشيبة وأبو جعفر ترى بالتاء من فوق وكسر الهمزة من «إن» ، وتأويل ذلك: ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب لاستعظمت ما حل بهم، ثم ابتدأ الخبر بقوله «إن القوة لله» ، وتأويل آخر: ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب يقولون إن القوة لله جميعا لاستعظمت حالهم. وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وعاصم وابن كثير «يرى» بالياء من أسفل، وفتح الألف من «أن» ، تأويله: ولو يرى في الدنيا الذين ظلموا حالهم في الآخرة إذ يرون العذاب لعلموا أن القوة لله جميعا، وتأويل آخر روي عن المبرد والأخفش: ولو يرى بمعنى يعلم الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا لاستعظموا ما حل بهم، ف «يرى» عامل في «أن» وسدت مسد المفعولين.

وقال أبو علي: «الرؤية في هذه الآية رؤية البصر» ، والتقدير في قراءة الياء: ولو يرى الذين ظلموا أن القوة لله جميعا، وحذف جواب لَوْ للمبالغة، ويعمل في «أن» الفعل الظاهر وهو أرجح من أن يكون العامل فيها مقدرا، ودخلت إِذْ وهي لما مضى في أثناء هذه المستقبلات تقريبا للأمر وتصحيحا لوقوعه، كما يقع الماضي موقع المستقبل في قوله تعالى: وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ [الأعراف: ٥٠] ، وأَتى أَمْرُ اللَّهِ [النحل: ١] ، ومنه قول الأشتر النخعي: [الكامل]

بقيت وفري وانحرفت عن العلا ... ولقيت أضيافي بوجه عبوس

وقرأت طائفة «يرى» بالياء من أسفل وكسر الألف من «إن» ، وذلك إما على حذف الجواب وابتداء الخبر، وإما على تقدير لقالوا إن القوة لله جميعا، وقرأ ابن عامر وحده «يرون» بضم الياء والباقون بفتحها.

وثبتت بنص هذه الآية القوة لله بخلاف قول المعتزلة في نفيهم معاني الصفات القديمة، وقالت

<<  <  ج: ص:  >  >>