للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزجاج، لأنك إذا قلت الجواب: لتبعثن فلا بد بعد ذلك أن يقدر خبر عنه يقع الإضراب، وهذا الذي جعلناه جوابا وجاء المقدر أخصر. وقال جماعة من المفسرين في قوله: ق إنه حرف دال على الكلمة، على نحو قول الشاعر [الوليد بن المغيرة] : [الرجز] قلت لها قفي فقالت قاف واختلفوا بعد، فقال القرطبي: هو دال على أسماء الله تعالى هي: قادر، وقاهر، وقريب، وقاض، وقابض، وقيل المعنى: قضي الأمر من رسالتك ونحوه، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، فجواب القسم في الكلام الذي يدل عليه قاف. وقال قوم المعنى: قف عند أمرنا. وقيل المعنى: قهر هؤلاء الكفرة، وهذا أيضا وقع عليه القسم ويحتمل أن يكون المعنى: قيامهم من القبور حق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، فيكون أول السورة من المعنى الذي اطرد بعد، وعلى هذه الأقوال فثم كلام مضمر عنه وقع الإضراب، كأنه قال: ما كذبوك ببرهان، ونحو هذا مما يليق مظهرا.

وقرأ جمهور من القراء ق بسكون الفاء. قال أبو حاتم: ولا يجوز غيرها إلا جواز سوء.

قال القاضي أبو محمد: وهذه القراءة تحسن مع أن يكون ق حرفا دالا على كلمة. وقرأ الثقفي وعيسى: قاف بفتح الفاء، وهذه تحسن مع القول بأنها اسم للقرآن أو لله تعالى، وكذلك قرأ الحسن وابن أبي إسحاق بكسر الفاء، وهي التي في رتبة التي قبلها في أن الحركة للالتقاء وفي أنها اسم للقرآن.

والْمَجِيدِ الكريم الأوصاف الكثير الخير.

واختلف الناس في الضمير في: عَجِبُوا لمن هو فقال جمهور المتأولين: هو لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم لأن كل مفطور عجب من بعثة بشر رسول الله، لكن المؤمنون نظروا واهتدوا، والكافرون بقوا في عمايتهم وصموا وحاجوا بذلك العجب، ولذلك قال تعالى: فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ.

وقال آخرون بل الضمير في عَجِبُوا للكافرين، وكرر الكلام تأكيدا ومبالغة. والإشارة بهذا يحتمل أن تكون إلى نفس مجيء البشر.

ويحتمل أن تكون إلى القول الذي يتضمنه الإنذار، وهو الخبر بالبعث، ويؤيد هذا القول ما يأتي بعد. وقرأ الأعرج وشيبة وأبو جعفر «إذا» على الخبر دون استفهام، والعامل رَجْعٌ بَعِيدٌ، قال ابن جني ويحتمل أن يكون المعنى «أإذا متنا بعد رجعنا» ، فيدل: ذلك رَجْعٌ بَعِيدٌ على هذا الفعل الذي هو بعد ويحل محل الجواب لقولهم: «إذا» . والرجع: مصدر رجعته. وقوله بَعِيدٌ في الأوهام والفكر كونه فأخبر الله تعالى ردا على قولهم بأنه يعلم ما تأكل الأرض من ابن آدم وما تبقى منه، وإن ذلك في الكتاب، وكذلك يعود في الحشر معلوما ذلك كله.

و «الحفيظ» : الجامع الذي لم يفته شيء. وقال الرماني: حَفِيظٌ متبع أن يذهب ببلى ودروس، وروي في الخبر الثابت: أن الأرض تأكل ابن آدم إلا عجب الذنب، وهو عظم كالخردلة، فمنه يركب ابن آدم، وحفظ ما تنقص الأرض إنما هو ليعود بعينه يوم القيامة، وهذا هو «الحق» . وذهب بعض الأصوليين إلى أن الأجساد المبعثرة المبعوثة يجوز أن تكون غير هذه، وهذا عندي خلاف لظاهر كتاب الله ولو كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>