للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عادٌ قبيلة وقد تقدم قصصها. وقوله تعالى: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ، «كيف» نصب إما على خبر كانَ وإما على الحال. و: كانَ بمعنى وجد ووقع في هذا الوجه. وَنُذُرِ جمع نذير وهو المصدر. وقرأ ورش وحده: «ونذري» بالياء، وقرأ الباقون «ونذر» بغير ياء على خط المصحف.

و: «الصرصر» قال ابن عباس وقتادة معناه الباردة وهو الصر. وقال جماعة من المفسرين معناه: المصوتة نحو هذين الحرفين مأخوذ من صوت الريح إذا هبت دفعا، كأنها تنطق بهذين الحرفين، الصاد والراء، وضوعف الفعل كما قالوا: كبكب وكفكف من كب وكب، وهذا كثير، ولم يختلف القراء في سكون الحاء من «نحس» وإضافة اليوم إليه إلا ما روي عن الحسن أنه قرأ: «في يوم» بالتنوين و: «نحس» بكسر الحاء.

ومُسْتَمِرٍّ معناه: متتابع، قال قتادة: استمر بهم ذلك النحس حتى بلغهم جهنم. قال الضحاك في كتاب الثعلبي المعنى كان مرا عليهم، وذكره النقاش عن الحسن، وروي أن ذلك اليوم الذي كان لهم فيه نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ كان يوم أربعاء، وورد في بعض الأحاديث في تفسير هذه الآية: يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ:

يوم الأربعاء، قتأول في ذلك بعض الناس أنه يصحب في الزمن كله، وهذا عندي ضعيف وإن كان الدولابي أبو بشر قد ذكر حديثا رواه أبو جعفر المنصور عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آخر أربعاء من الشهر يوم نحس مستمر» ، ويوجد نحو هذا في كلام الفرس والأعاجم، وقد وجد ذكر الأربعاء التي لا تدور في شعر لبعض الخراسانيين المولدين، وذكر الثعلبي عن زر بن حبيش في تفسير هذا اليوم لعاد أنه كل يوم أربعاء لا تدور، وذكره النقاش عن جعفر بن محمد وقال: كان القمر منحوسا بزحل وهذه نزعة سوء عياذا بالله أن تصح عن جعفر بن محمد.

وقوله: تَنْزِعُ النَّاسَ معناه: تنقلهم من مواضعهم نزعا فتطرحهم. وروي عن مجاهد: أنها كانت تلقي الرجل على رأسه فيتفتت رأسه وعنقه وما يلي ذلك من بدنه فلذلك حسن التشبيه ب «أعجاز» النخل وذلك أن المنقعر هو الذي ينقلب من قعره. فذلك التشعث والشعب التي لأعجاز النخل، كان يشبهها ما تقطع وتشعث من شخص الإنسان، وقال قوم: إنما شبههم ب «أعجاز النخل» لأنهم كانوا يحفرون حفرا ليمتنعوا فيها من الريح، فكأنه شبه تلك الحفر بعد النزع بحفر أعجاز النخل، والنخل يذكّر ويؤنث فلذلك قال هنا: مُنْقَعِرٍ وفي غير هذه السورة: خاوِيَةٍ [الحاقة: ٧] والكاف في قوله: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ في موضع الحال، قاله الزجاج، وما روي من خبر الخلجان وغيره وقوتهم ضعيف كله، وفائدة تكرار قوله:

فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ التخويف وهز الأنفس قال الرماني: لما كان الإنذار أنواعا، كرر التذكير والتنبيه، وفائدة تكرار قوله: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ التأكيد والتحريض وتنبيه الأنفس.

وهذا موجود في تكرار الكلام، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا هل بلغت، ألا هل بلغت» . ومثل

<<  <  ج: ص:  >  >>