للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب الفئة الطاغية، وقال آخرون منهم مجاهد وابن زيد: المعنى بسبب الفعلة الطاغية التي فعلوها. وقال ابن زيد: ما معناه: «الطاغية» مصدر كالعاقبة فكأنه قال بطغيانهم، وقاله أبو عبيدة ويقوي هذا كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها [الشمس: ١١] وأولى الأقوال وأصوبها الأول لأنه مناسب لما ذكر في عاد، إذ ذكر فيها الوجه الذي وقع به الهلاك، وعلى سائر الأقوال لا يتناسب الأمران لأن طغيان ثمود سبب والريح لا يناسب ذلك لأنها ليست سبب الإهلاك، بل هي آلة كما في الصيحة، و: «الصرصر» يحتمل أن يكون من الصر أي البرد، وهو قول قتادة، ويحتمل أن يكون من صر الشيء إذا صوت، فقال قوم: صوت الريح صَرْصَرٍ، كأنه يحكي هذين الحرفين. و «العاتية» معناه: الشديدة المخالفة، فكانت الريح عتت على الخزان بخلافها وعتت على قوم عاد بشدتها. وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس أنهما قالا: إنه لم ينزل من السماء قطرة ماء إلا بمكيال على يد ملك ولا هبت ريح إلا كذلك إلا ما كان من طوفان نوح وريح عاد، فإن الله أذن لهما في الخروج دون إذن الخزان. والتسخير: استعمال الشيء باقتدار عليه. وروي أن الريح بدأت بهم صبح يوم الأربعاء لثمان بقين لشوال، وتمادت بهم إلى آخر يوم الأربعاء تكملة الشهر.

وحُسُوماً، قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وأبو عبيدة معناه: كاملة تباعا لم يتخللها غير ذلك، وهذه كما تقول العرب ما لقيته حولا محرما، قال الشاعر [طفيل الغنوي] : [الطويل]

عوازب لم تسمع نبوح مقامة ... ولم تر نارا ثم حول محرم

وقال الخليل: حُسُوماً، أي شؤما ونحسا، وقال ابن زيد: حُسُوماً جمع حاسم كجالس وقاعد، ومعناه أن تلك الأيتام قطعتهم بالإهلاك، ومنه حسم العلل ومنه الحسام. والضمير في قوله فِيها صَرْعى يحتمل أن يعود على دارهم وحلتهم لأن معنى الكلام يقتضيها وإن لم يلفظ بها. قال الثعلبي، وقيل يعود على الريح، وقد تقدم القول في التشبيه ب «أعجاز النخل» في سورة (اقتربت الساعة) .

والخاوية: الساقطة التي قد خلت أعجازها بلى وفسادا. ثم وقف تعالى على أمرهم توقيف اعتبار ووعظ بقوله: هل تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ اختلف المتأولون في: باقِيَةٍ، فقال قوم منهم ابن الأنباري: هي هاء مبالغة كعلامة ونسابة والمعنى من باق. وقال ابن الأنباري أيضا معناه: من فئة باقية وقال آخرون: باقِيَةٍ مصدر فالمعنى من بقاء.

قوله عز وجل:

[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٩ الى ١٧]

وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (١٠) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (١٢) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣)

وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (١٧)

وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة وأبو جعفر وشيبة وأبو عبد الرحمن والناس: «من قبله»

<<  <  ج: ص:  >  >>