للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم أنه قال: «سيأتي قوم يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، ويظهر فيهم السمن» .

واختلف الناس في معنى هذا الحديث، فقال بعض العلماء: هم قوم مؤمنون يتعرضون ويحرصون على وضع أسمائهم في وثائق الناس، وينصبون لذلك الحبائل من زي وهيئة وهم غير عدول في أنفسهم فيغرون بذلك ويضرون.

قال القاضي أبو محمد: فهذا في ابتداء الشهادة لا في أدائها، ويجيء قوله عليه السلام: «ولا يستشهدون» ، أي وهم غير أهل لذلك، وقال آخرون من العلماء: هم شهود الزور، لأنهم يؤدونها والحال لم تشهدهم ولا المشهود عليه، وقرأ حفص عن عاصم: «بشهاداتهم» على الجمع وهي قراءة عبد الرحمن، والباقون «بشهادتهم» على الإفراد الذي هو اسم الجنس. والمحافظة على الصلاة إقامتها في أوقاتها بشروط صحتها وكمالها، وقال ابن جريج: يدخل في هذه الآية التطوع. وقوله تعالى: فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ الآية نزلت بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي عند الكعبة أحيانا ويقرأ القرآن، فكان كثير من الكفار يقومون من مجالسهم مسرعين إليه يتسمعون قراءته ويقول بعضهم لبعض:

شاعر وكاهن ومفتر وغير ذلك. وقِبَلَكَ معناه فيما يليك، و: «المهطع» الذي يمشي مسرعا إلى شيء قد أقبل عليه ببصره. وقال ابن زيد: لا يطرف، و: عِزِينَ جمع عزة، قال بعض النحاة أصلها عزوة، وقال آخرون منهم: أصلها عزهة، وجمعت بالواو والنون عوضا مما انحذف منها نحو سنة وسنون، ومعنى العزة: الجمع اليسير فكأنهم كانوا ثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ومنه قول الراعي: [الكامل]

أخليفة الرحمن إن عشيرتي ... أمسى سوامهم عزين فلولا

وقال أبو هريرة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم حلق متفرقون فقال: «ما لي أراكم عزين» وقوله تعالى: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ نزلت لأن بعض الكفار قال: إن كانت ثم آخرة وجنة فنحن أهلها وفيها، لأن الله تعالى لم ينعم علينا في الدنيا بالمال والبنين وغير ذلك إلا لرضاه عنا. وقرأ السبعة والحسن وطلحة: «يدخل» بضم الياء وفتح الخاء على بناء الفعل للمفعول، وقرأ المفضل عن عاصم وابن يعمر والحسن وأبو رجاء وطلحة: «يدخل» ، بفتحها وضم الخاء على بناء الفعل للفاعل. وقوله تعالى: كَلَّا رد لقولهم وطمعهم: أي ليس الأمر كذلك، ثم أخبر عن خلقهم من نطفة قذرة، فأحال في العبارة عنها إلى علم الناس أي فمن خلق من ذلك فليس بنفس خلقه يعطى الجنة، بل بالأعمال الصالحة إن كانت. وقال قتادة في تفسيرها: إنما خلقت من قذر با ابن آدم فاتق الله، وقال أنس كان أبو بكر إذا خطبنا ذكر مناتي ابن آدم ومروره من مجرى البول مرتين وكونه نطفة في الرحم ثم علقة ثم مضغة إلى أن يخرج فيتلوث في نجساته طفلا فلا يقلع أبو بكر حتى يقذر أحدنا نفسه.

قوله عز وجل:

[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ٤٠ الى ٤٤]

فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (٤٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>