للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الآخر [أبي خيراش الهذلي] : [الرجز]

إن تغفر اللهم تغفر جمّا ... وأي عبد لك لا ألمّا

فَلا في الآية عاطفة، وصَدَّقَ معناه برسالة الله ودينه، وذهب قوم إلى أنه من الصدقة، والأول أصوب، ويَتَمَطَّى معناه يمشي المطيطى وهي مشية بتبختر قال زيد بن أسلم: كانت مشية بني مخزوم، وهي مأخوذة من المطا وهو الظهر لأنه يتثنى فيها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مشت أمتي المطيطى وخدمتهم الروم وفارس سلط بعضهم على بعض» . وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في أبي جهل ... وقوله تعالى: أَوْلى لَكَ وعيد ثان ثم كرر ذلك تأكيدا، والمعنى أَوْلى لَكَ الازدجار والانتهاء وهو مأخوذ من ولى، والعرب تستعمل هذه الكلمة زجرا، ومنه قوله تعالى: فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ [محمد: ٢٠] ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبب أبا جهل يوما في البطحاء وقال له: «إن الله يقول لك أَوْلى لَكَ فَأَوْلى» ، فنزل القرآن على نحوها. وفي شعر الخنساء: [المتقارب]

سئمت بنفسي كل الهموم ... فأولى لنفسي أولى لها

وقوله تعالى: أَيَحْسَبُ توقيف وتوبيخ، وسُدىً معناه مهملا لا يؤمر ولا ينهى، ثم قرر تعالى على أحوال ابن آدم في بدايته التي إذا تؤملت لم ينكر معها جواز البعث من القبور عاقل. وقرأ الجمهور:

«ألم يك» بالياء من تحت، وقرأ الحسن: «ألم تك» بالتاء من فوق، و «النطفة» : القطعة من الماء. يقال ذلك للقليل والكثير، و «المني» معروف، وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم وأبو عمرو بخلاف وابن محيصن والجحدري وسلام ويعقوب: «يمنى» بالياء، يراد بذلك المني، ويحتمل أن يكون يمنى من قولك أمنى الرجل، ويحتمل أن يكون من قولك منى الله الخلق، فكأنه قال: من مني تخلق، وقرأ جمهور السبعة والناس. «تمنى» بالتاء، يراد بذلك النطفة، و «تمنى» يحتمل الوجهين اللذين ذكرت، و «العلقة» : القطعة من الدم، لأن الدم هو العلق، وقوله تعالى: فَخَلَقَ فَسَوَّى معناه فخلق الله منه بشرا مركبا من أشياء مختلفة فسواه شخصا مستقلا، وفي مصحف ابن مسعود «يخلق» بالياء فعلا مستقبلا، والزَّوْجَيْنِ:

النوعين، ويحتمل أن يريد المزدوجين من البشر، ثم وقف تعالى توقيف التوبيخ وإقامة الحجة بقوله:

أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى وقرأ الجمهور بفتح الياء الأخيرة من «يحيي» ، وقرأ طلحة بن مصرف وسليمان والفياض بن غزوان بسكونها، وهي تنحذف من اللفظ لسكون اللام من الْمَوْتى، ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال: «سبحانك اللهم وبحمدك وبلى» ، ويروى أنه كان يقول: «بلى» فقط.

نجز تفسير سورة الْقِيامَةِ والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>