للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن خبر، وإذا خلع منها معنى الحدوث لزمها الخبر المنصوب، فحجة من رفع تجارة إن كان بمعنى حدث ووقع، وأما من نصب فعلى خبر كان، والاسم مقدر تقديره عند أبي علي إما المبايعة التي دلت الآيات المتقدمة عليها، وإما إِلَّا أَنْ تَكُونَ التجارة تِجارَةً، ويكون ذلك مثل قول الشاعر: [الطويل] .

فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي ... إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا

أي إذا كان اليوم يوما.

قال القاضي أبو محمد: هكذا أنشد أبو علي البيت، وكذلك أبو العباس المبرد، وأنشده الطبري:

[الطويل]

ولله قومي أيّ قوم لحرّة ... إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا

وأنشده سيبويه بالرفع إذا كان يوم ذو كواكب.

وقوله تعالى: وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ قال الطبري معناه وأشهدوا على صغير ذلك وكبيره، واختلف الناس هل ذلك على الوجوب أو على الندب؟ فقال الحسن والشعبي وغيرهما: ذلك على الندب، وقال ابن عمرو والضحاك: ذلك على الوجوب، وكان ابن عمر يفعله في قليل الأشياء وكثيرها، وقاله عطاء ورجح ذلك الطبري.

قال القاضي أبو محمد: والوجوب في ذلك قلق أما في الدقائق فصعب شاق وأما ما كثر فربما يقصد التاجر الاستيلاف بترك الإشهاد، وقد يكون عادة في بعض البلاد، وقد يستحيي من العالم والرجل الكبير الموقر فلا يشهد عليه، فيدخل ذلك كله في الائتمان، ويبقى الأمر بالإشهاد ندبا لما فيه من المصلحة في الأغلب ما لم يقع عذر يمنع منه كما ذكرنا.

وحكى المهدوي عن قوم أنهم قالوا: وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ منسوخ بقوله فَإِنْ أَمِنَ [البقرة: ٢٨٣] ، وذكره مكي عن أبي سعيد الخدري.

واختلف الناس في معنى قوله تعالى: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ. فقال الحسن وقتادة وطاوس وابن زيد وغيرهم: المعنى ولا يضار الكاتب بأن يكتب ما لم يمل عليه ولا يضار الشاهد بأن يزيد في الشهادة أو ينقص منها، وقال مثله ابن عباس ومجاهد وعطاء إلا أنهم قالوا: لا يضار الكاتب والشاهد بأن يمتنعا.

قال القاضي أبو محمد: ولفظ الضرر يعم هذا والقول الأول، والأصل في يضار على هذين القولين «يضارر» بكسر الراء ثم وقع الإدغام وفتحت الراء في الجزم لخفة الفتحة، وقال ابن عباس أيضا ومجاهد والضحاك والسدي وطاوس وغيرهم: معنى الآية وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ بأن يؤذيه طالب الكتبة أو الشهادة فيقول اكتب لي أو اشهد لي في وقت عذر أو شغل للكاتب أو الشاهد فإذا اعتذرا بعذرهما حرج وآذاهما، وقال خالفت أمر الله ونحو هذا من القول، ولفظ المضارة إذ هو من اثنين يقتضي هذه المعاني كلها، والكاتب والشهيد على القول الأول رفع بفعلهما وفي القول الثاني رفع على المفعول الذي لم يسم

<<  <  ج: ص:  >  >>