للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ [آل عمران: ١٢١] وقال الأعشى: [الطويل]

فما بوّأ الرحمان بيتك منزلا ... بشرقيّ أجياد الصّفا والمحرم

و «القصور» : جمع قصر وهي الدور التي قصرت على بقاع من الأرض مخصوصة بخلاف بيوت العمود وقصرت عن الناس قصرا تاما، و «النحت» النجر والقشر في الشيء الصلب كالحجر والعود ونحوه، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «تنحتون» بفتح الحاء، وقرأ جمهور الناس: بكسرها وبالتاء من فوق، وقرأ ابن مصرف: بالياء من أسفل وكسر الحاء، وقرأ أبو مالك بالياء من أسفل وفتح الحاء، وكانوا «ينحتون» الجبال لطول أعمارهم، وتَعْثَوْا معناه تفسدوا يقال: عثا يعثي وعثا يعثو وعثى يعثى كنسى ينسى وعليها لفظ الآية، وقرأ الأعمش «تعثوا» بكسر التاء ومُفْسِدِينَ: حال.

وتقدم القول في الْمَلَأُ، وقرأ ابن عامر وحده في هذا الموضع «وقال الملأ» بواو عطف وهي محذوفة عند الجميع، والَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا هم الأشراف والعظماء الكفرة، واسْتَكْبَرُوا يحتمل أن يكون معناه طلبوا هيئة لنفوسهم من الكبر، أو يكون بمعنى كبروا كبرهم المال والجاه وأعظمهم فيكون على هذا كبر و «استكبر» بمعنى كعجب واستعجب، والأول هو باب استفعل كاستوقد واسترفد، والذين استضعفوا هم العامة والأغفال في الدنيا وهم أتباع الرسل، وقولهم أَتَعْلَمُونَ استفهام على معنى الاستهزاء والاستخفاف، فأجاب المؤمنون بالتصديق والصرامة في دين الله فحملت الأنفة الإشراف على مناقضة المؤمنين في مقالتهم واستمروا على كفرهم.

قوله عز وجل:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٧٧ الى ٧٩]

فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩)

قوله تعالى: فَعَقَرُوا يقتضي بتشريكهم أجمعين في الضمير أن عقر الناقة كان على تمالؤ منهم وإصفاق وكذلك: روي أن قدارا لم يعقرها حتى كان يستشير الرجال والنساء والصبيان، فلما أجمعوا تعاطى فعقر، وَعَتَوْا معناه خشوا وصلبوا ولم يذعنوا للأمر والشرع وصمموا على تكذيبه واستعجلوا النقمة بقولهم ائْتِنا بِما تَعِدُنا وحسن الوعد في هذا الموضع لما تقيد بأنه عذاب، قال أبو حاتم قرأ عيسى وعاصم أيتنا بهمز وإشباع ضم، وقرأ بتخفيف الهمزة كأنها ياء في اللفظ أبو عمرو والأعمش.

والرَّجْفَةُ ما تؤثره الصيحة أو الطامة التي يرجف بها الإنسان وهو أن يتزعزع ويتحرك ويضطرب ويرتعد. ومنه قول خديجة فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، ومنه قول الأخطل:

[البسيط] :

أما تريني حناني الشيب من كبر ... كالنسر أرجف والإنسان ممدود

<<  <  ج: ص:  >  >>