للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره: يرجم أحصن أو لم يحصن، وحرق أبو بكر الصديق رضي الله عنه رجلا يسمى الفجأة حين عمل عمل قوم «لوط» .

وقرأ نافع والكسائي وحفص عن عاصم «أنكم» على الخبر كأنه فسر الْفاحِشَةَ وقرأ ابن كثير أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر وحمزة: «أإنكم» باستفهام آخر، وهذا لأن الأول استفهام عن أمر مجمل والثاني عن مفسر، إلا أن حمزة وعاصما قرءا بهمزتين، ولم يهمز أبو عمرو وابن كثير إلا واحدة وشَهْوَةً:

نصب على المصدر من قولك شهيت الشيء شهاه، والمعنى تدعون الغرض المقصود بالوطء وهو ابتغاء ما كتب الله من الولد وتنفردون بالشهوة فقط، وقوله: بَلْ أَنْتُمْ إضراب عن الإخبار عنهم أو تقريرهم على المعصية وترك لذلك إلى الحكم عليهم بأنهم قوم قد تجاوزوا الحد وارتكبوا الحظر، والإسراف الزيادة المفسدة.

وقرأ الجمهور «جواب» بالنصب، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «جواب» بالرفع، ولم تكن مراجعة قومه باحتجاج منهم ولا بمدافعة عقلية وإنما كانت بكفر وصرامة وخذلان بحت في قولهم أَخْرِجُوهُمْ وتعليلهم الإخراج بتطهير المخرجين، والضمير عائد على «لوط» وأهله وإن كان لم يجر لهم ذكر فإن المعنى يقتضيهم، وروي أنه لم يكن معه غير ابنتيه وعلى هذا عني في الضمير هو وابنتاه، ويَتَطَهَّرُونَ معناه يتنزهون عن حالنا وعادتنا، قال مجاهد معناه يَتَطَهَّرُونَ عن أدبار الرجال والنساء، قال قتادة: عابوهم بغير عيب وذموهم بغير ذم، والخلاف في أهله حسبما تقدم.

واستثنى الله امرأة «لوط» عليه السلام من الناجين وأخبر أنها هلكت، والغابر الباقي هذا المشهور في اللغة، ومنه غير الحيض كما قال أبو كبير الهذلي: [الكامل]

ومبرأ من كل غبر حيضة ... وفساد من ضعة وداء مغيل

وغبر اللبن في الضرع بقيته، فقال بعض المفسرين: كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ في العذاب والعقاب أي مع الباقين ممن لم ينج، وقال أبو عبيدة معمر: ذكرها الله بأنها كانت ممن أسن وبقي من عصره إلى عصر غيره فكانت غابرة إلى أن هلكت مع قومها.

قال القاضي أبو محمد: فكأن قوله: إِلَّا امْرَأَتَهُ اكتفى به في أنها لم تنج ثم ابتدأ وصفها بعد ذلك بصفة لا تتعلق بها النجاة ولا الهلكة، والأول أظهر، وقد يجيء الغابر بمعنى الماضي، وكذلك حكى أهل اللغة غير بمعنى بقي وبمعنى مضى، وأما قول الأعشى: [السريع]

عض بما أبقى المواسي له ... من أمه في الزمن الغابر

فالظاهر أنه أراد الماضي وذلك بالنسبة إلى وقت الهجاء، ويحتمل أن يريد في الزمن الباقي وذلك بالنسبة إلى الحين هو غابر بعد الإبقاء، ويحتمل أن يعلق في الزمن بعض فيكون الباقي على الإطلاق والأول أظهر.

وقوله تعالى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ الآية، نص على إمطار وتظاهرت الآيات في غير هذه السورة أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>