للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمير وعمران كاهناهم والرقيم كلبهم، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر «شعيبا» قال: ذلك خطيب الأنبياء لقوله لقومه: وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ. [هود: ٨٨] .

قال القاضي أبو محمد: يريد لحسن مراجعته وجميل تلطفه. وحكى الطبري عن أبي عبد الله البجلي أنه قال: أبو جاد وهو زوحطي وكلمن وصعفض وقرست أسماء ملوك مدين، وكان الملك يوم الظلة كلمن، فقالت أخته ترثيه: [مجزوء الرمل]

كلمن قد هد ركني ... هلكه وسط المحلة

سيد القوم اتساه ... حتف نار وسط ظله

جعلت نار عليهم ... دارهم كالمضمحله

قال القاضي أبو محمد: وهذه حكاية مظنون بها والله علم، وقد تقدم معنى جاثِمِينَ.

وقوله: كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا لفظ فيه للإخبار عن قوة هلاكهم ونزول النقمة بهم والتنبيه على العبرة بهم، ونحو هذا قول الشاعر:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

ويَغْنَوْا معناه يقيموا ويسكنوا.

قال القاضي أبو محمد: وغنيت في المكان إنما يقال في الإقامة التي هي مقترنة بتنعم وعيش مرض، هذا الذي استقريت من الأشعار التي ذكرت العرب فيها هذه اللفظة فمن ذلك قول الشاعر:

[الوافر]

وقد نغنى بها ونرى عصورا ... بها يقتدننا الخرد الخذالا

ومنه قول الآخر: [الرمل]

ولقد يغنى بها جيرانك المس ... تمسكو منكم بعهد ووصال

أنشده الطبري، ومنه قول الآخر: [الطويل] ألا حيّ من أجل الحبيب المغانيا ومنه قول مهلهل: [الخفيف]

غنيت دارنا تهامة في الدهر ... وفيها بنو معد حلّوا

ويشبه أن تكون اللفظة من الاستغناء، وأما قوله: كأن لم تغن بالأمس ففيه هذا المعنى لأن المراد كأن لم تكن ناعمة نضرة مستقلة، ولا توجد فيما علمت إلا مقترنة بهذا المعنى وأما قول الشاعر: [الطويل]

غنينا زمانا بالتصعلك والغنا ... وكلا سقاناه بكأسيهما الدهر

فمعناه استغنينا بذلك ورضيناه مع أن هذه اللفظة ليست مقترنة بمكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>