للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقُولُ: ما أريدُ منهم أن يرزقوا أنفسهم، «وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ» (٥٧) أن يطعموا أحدًا من خلقي «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» (٥٨) .

قَرَأَ يَحيى بْن وَثاب (المتين) بالخفض جعله من نعتِ- القوةِ، وَإن كانت أُنثى فِي اللفظ، فإنَّهُ ذهب إلى الحبل وَإلى الشيء المْفتولِ.

أنشدني بعض العربِ:

لكل دَهْرٍ قَدْ لبست أثوبا ... من ريطة واليمنة المعصّبا «١»

فجعل المعصّب نعتا لليمنة، وهي مؤنثة في اللفظ لأن اليمنة ضربٌ وَصِنْفٌ من الثيابِ: الوَشي، فذهبَ إِلَيْه.

وقرأ «٢» النَّاس- (المتينُ) رفعٌ من صِفَةِ الله تبارك وتعالى.

وقوله [٥٦/ ا] عز وجل: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً (٥٩) .

والذنوب فِي كلام العرب: الدَّلْوُ العظيمة «٣» وَلكن العربَ تذهَبُ بها إلى النَّصِيب وَالحظِّ.

وَبذلِكَ أتى التفسيرُ: فإنَّ للذين ظَلموا حظًّا من العذابِ، كما نزَلَ بالذين من قبلهم، وقال الشاعرُ:

لنَا ذَنوبٌ وَلكمْ ذَنوبُ ... فإنْ أبيتمْ فلنا القليب «٤»

والذنوب: يذكّر، ويؤنّث.


(١) رواية القرطبي قال: وأنشد الفراء:
لكل دهر قد لبست أثؤبا ... حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا
من ريطة، واليمنة المعصبا
(٢) فى ح: قرأ.
(٣) فى ش: العظيم.
(٤) انظر البحر المحيط ٨/ ١٣٢، والقليب: البئر.