للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال حدثنا الفراء قال «١» : وَحَدَّثَنِي شَيْخٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْوَتْرُ آدَمُ، شُفِعَ بِزَوْجَتِهِ. وقد اختلف [القراء] «٢» فى الوتر: فَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: الْوِتْرِ مَكْسُورَةُ الْوَاوِ، وَكَذَلِكَ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ «٣» ، وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَعَاصِمٌ [وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ] «٤» «الْوَتْرِ» بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَهِيَ لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ «٥» .

وقوله عزَّ وجلَّ: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤) .

ذكروا أنها ليلة المزدلفة، وَقَدْ قَرَأَ القراءُ: «يَسرى» بإثبات الياء، و «يَسْرِ» بحذفها «٦» ، وحذفها أحب إليَّ لمشاكلتها رءوس الآيات، ولأن العرب قَدْ تحذف الياء، وتكتفي بكسر ما قبلها منها، أنشدني بعضُهم.

كفاكَ كفٌّ ما تُليق دِرْهمًا ... جُودًا، وأخرى تُعطِ بالسيف الدِّما «٧»

وأنشدني آخر:

ليس تخفى يسارتي قَدْر يومٍ ... ولقد تُخْفِ شِيمتي إعساري «٨»

وقوله عزَّ وجلَّ: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥) .

لذي عقلِ: لذي سِتْر، وكله يرجع إلى أمر واحد من العقل، والعرب تَقُولُ: إنه لذو حجر إِذَا كَانَ قاهرًا لنفسه ضابطًا لها، كأنه أخذ من قولك: حجرت عَلَى الرجل.

وقوله جل وعز [١٣٦/ ب] إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) .

لم يجر القراء (إرم) لأنها فيما ذكروا اسم بلدة، وذكر الكلبي بإسناده أن (إرم) سام بن نوح، فإن كان هكذا اسما فإنما ترك إجراؤه لأنه كالعجمى. و (إرم) تابعة لعاد، و (العماد) : أنهم كانوا أهل عَمَد ينتقلون إلى الكلأ حيث كان، ثم يرجعون إلى منازلهم:


(١) فى ش: قال: حدثنا الفراء وحدثنى.
(٢، ٤) سقط فى ش.
(٣) وهى أيضا قراءة حمزة والكسائي وخلف. وافقهم الحسن والأعمش (الإتحاف: ٤٣٨) .
(٥) والكسر لغة تميم (لسان العرب) .
(٦) قرأ الجمهور: «يَسْرِ» بحذف الياء وصلا ووقفا، وابن كثير بإثباتها فيهما، ونافع وابن عمرو بخلاف عنه بياء فى الوصل، وبحذفهما فى الوقف. (البحر المحيط ٨/ ٤٦٨) . [.....]
(٧) أورده فى اللسان ولم ينسبه. مادة ليق. وانظر (الخصائص ٣/ ٩٠، ١٣٣، وأمالى ابن الشجري ٢/ ٧٢) .
ومعنى: ما تليق: ما تحبس وتمسك. يصفه بالكرم والشجاعة.
(٨) رواه اللسان كما هنا ولم ينسبه، وفى ب: قدرتهم مكان قدر يوم، وهو تحريف.