للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ» «١» ولو نصبت هاهنا على إضمار فعل (ادعوهم إخوانكم ومواليكم) «٢» . وفي قراءة عَبْد اللَّه «إِن تعذبهم فعبادُكَ» وفي قراءتنا «فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ» «٣» .

وإنما يرفع من ذا ما كان اسما يحسن فِيهِ «هُوَ» مع المرفوع. فإذا لم يحسن فِيهِ «هُوَ» أجريته على ما قبله فقلت: إن اشتريت طعاما فجيدا، أي فاشتر الجيد، وإن لبست ثيابا فالبياض، تنصب لأن «هو» لا يحسن هاهنا، والمعنى فى هذين هاهنا مخالف للأول ألا ترى أنك تجد القوم إخوانا وإن جحدوا، ولا تجد كل ما يلبس بياضا، ولا كل ما يشترى جيدا. فإن نويت أن ما ولى شراءه فجيد رفعت إذا كان الرجل قد عرف بجودة الشراء وبلبوس البياض.

وكذلك قول اللَّه «فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا» «٤» نصب لأنه شيء ليس بدائم، ولا يصلح فِيهِ «هُوَ» ألا ترى أن المعنى: إن خفتم أن تصلوا قياما فصلوا رجالا أو ركبانا [رجالا يعني: رجالة] «٥» فنصبا لانهما حالان للفعل لا يصلحان خبرا.

وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ المعنى فِي مثله من الكلام: اللَّه يعلم أيهم يفسد وأيهم يصلح. فلو وضعت أيا أو من مكان الأوّل «٦» رفعته، فقلت: أنا أعلم أيّهم قام من القاعة، قال [الفراء] «٧» سمعت العرب تقول: ما يعرف أىّ من أىّ. وذلك أن (أىّ) و (من) استفهامان، والمفسد خبر. ومثله ما أبالي قيامك أو قعودك، ولو جعلت فِي الكلام استفهاما بطل الفعل عَنْهُ فقلت: ما أبالي أقائم أنت أم قاعد. ولو ألقيت الاستفهام اتصل الفعل بما قبله فانتصب.

والاستفهام كله منقطع مما قبله لخلقة الابتداء به.


(١) آية ٥ سورة الأحزاب.
(٢) جواب لو محذوف تقديره: كان صوابا.
(٣) آية ١١٨ سورة المائدة.
(٤) آية ٢٣٩ سورة البقرة.
(٥) زيادة فى أ.
(٦) يريد بالأوّل الذي يلى مادة العلم.
(٧) زيادة فى أ.