للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ» «١» ولو كان جزما كان صوابا لأن فِي قراءة عَبْد اللَّه:

«أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُنْ لَنَا عِيدًا» «٢» وفي قراءتنا بالواو «تكون» .

ومنه ما يكون الجزم فِيهِ أحسن وذلك بأن يكون الفعل الَّذِي قد يجزم ويرفع فِي آية، والاسم الَّذِي يكون الفعل صلة له فِي الآية التي قبله، فيحسن الجزم لانقطاع الاسم من صلته من ذلك: «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي» «٣» جزمه يحيى ابن وثاب والاعمش- ورفعه حمزة «يَرِثُنِي» لهذه العلة، وبعض القراء رفعه أيضا- لمّا كانت (وليا) رأس آية انقطع منها قوله (يرثنى) ، فحسن الجزم. ومن ذلك قوله: «وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ. يَأْتُوكَ» «٤» على الجزم. ولو كانت رفعا على صلة «الحاشرين» قلت: يأتوك.

فإذا كان الاسم الَّذِي بعده فعل معرفة يرجع بذكره، مما جاز فِي نكرته وجهان جزمت فقلت: ابعث إلى أخاك يصب خيرا، لم يكن إلا جزما لأن الأخ معرفة والمعرفة لا توصل. ومنه قوله: «أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ» «٥» الهاء معرفة و «غَداً» معرفة فليس فِيهِ إلا الجزم، ومثل قوله: «قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ» «٦» جزم لا غير.

ومن هذا نوع إذا كان بعد معرفته فعل لها جاز فِيهِ الرفع والجزم مثل قوله:

«فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ» «٧» وقوله: «ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا» «٨» ولو كان رفعا لكان صوابا كما قال تبارك وتعالى: «ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ» «٩» ولم يقل: يلعبوا.

فأمّا رفعه فأن تجعل «يَلْعَبُونَ» فِي موضع نصب كأنك قلت فِي الكلام: ذرهم


(١) آية ١٠٣ سورة التوبة.
(٢) آية ١١٤ سورة المائدة.
(٣) آيتا ٥ و ٦ سورة مريم.
(٤) آيتا ٣٦، ٣٧ سورة الشعراء.
(٥) آية ١٢ سورة يوسف.
(٦) آية ١٤ سورة التوبة.
(٧) آية ٦٤ سورة هود.
(٨) آية ٣ سورة الحجر.
(٩) آية ٩١ سورة الأنعام.