للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا مكان «هذا» «ذلِكَ» وقد قال الله جل وعز: «وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ» إلى قوله: «وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ» ثم قال: «هذا ذِكْرُ» «١» .

وقال جل وعز في موضع آخر: «وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ» ثم قال:

«هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ» «٢» . وقال جل ذكره: «وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ» ثم قال: «ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ» «٣» . ولو قيل في مثله من الكلام في موضع «ذلِكَ» : هذا» أو فى موضع «هذا» : «ذلِكَ» لكان صوابا.

وفي قراءة عبد الله بن مسعود «هَذَا فَذُوقُوهُ» وفي قراءتنا «ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ» «٤» .

فأما ما لا يجوز فِيهِ «هذا» في موضع «ذلِكَ» ولا «ذلِكَ» في موضع «هذا» فلو رأيت رجلين تنكر أحدهما لقلت للذي تعرف: مَن هذا الذي معك؟ ولا يجوز هاهنا: مَن ذلك؟ لأنك تراه بعينه.

وأما قوله تعالى: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) فإنه رفع من وجهين ونصب من وجهين إذا أردت ب «الْكِتابُ» أن يكون نعتا ل «ذلِكَ» كان الهُدَى في موضع رفع لأنه خبر ل «ذلِكَ» كأنك قلت: ذلك هُدًى لا شك فيه «٥» . وإن جعلت لا رَيْبَ فِيهِ خبره رفعت أيضا (هُدىً) تجعله تابعا لموضع «لا رَيْبَ فِيهِ» كما قال الله عز وجل: «وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ» «٦» كأنه قال: وهذا كتاب، وهذا مبارك، وهذا من صفته كذا وكذا. وفيه وجه ثالث من الرفع: إن شئت رفعته على الاستئناف لتمام ما قبله، كما قرأت القرّاء «الم. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ. هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ» »

بالرفع


(١) الآيات ٤٥- ٤٩ سورة ص. [.....]
(٢) آية ٥٢، ٥٣ سورة ص.
(٣) آية ١٩ سورة ق.
(٤) آية ١٤ سورة الأنفال.
(٥) وجملة «لا ريب فيه» على هذا اعتراض أو حال.
(٦) آية ٩٢ و ١٥٥ سورة الأنعام.
(٧) آية ١- ٣ سورة لقمان.