للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنصب. وكقوله في حرف عَبْد اللَّه: «أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخٌ» «١» وهي في قراءتنا «شَيْخاً» .

فأما النصب في أحد الوجهين فأن تجعل «الْكِتابُ» خبرا ل «ذلِكَ» فتنصب «هُدىً» على القطع لأن «هُدىً» نكرة اتصلت بمعرفة قد تم خبرها فنصبتها لأن النكرة لا تكون دليلا على معرفة. وإن شئت نصبت «هُدىً» على القطع «٢» من الهاء التي في «فِيهِ» كأنك قلت: لا شك فيه هاديا.

واعلم أن «هذا» إذا كان بعده اسم فيه الألف واللام جرى على ثلاثة معان:

أحدها- أن ترى الاسم الذي بعد «هذا» كما ترى «هذا» ففعله حينئذ مرفوع «٣» كقولك: هذا الحمار فارهٌ. جعلت الحمار نعتًا لهذا إذا «٤» كانا حاضرين، ولا يجوز هاهنا النصب «٥» . والوجه الآخر- أن يكون ما بعد «هذا» واحدا يؤدّي عن جميع جنسه، فالفعل حينئذ منصوب كقولك: ما كان من السباع غير مخوف فهذا الأسد مخوفا ألا ترى أنك تخبر عن الأسْد كلِّها بالخوف. والمعنى الثالث- أن يكون ما بعد «هذا» واحدا لا نظير له فالفعل حينئذ أيضا منصوب. وإنما نصبت الفعل لأن «هذا» ليست بصفة للأسد إنما دخلت تقريبا «٦» ، وكان الخبر بطرح «هذا» أجود ألا ترى إنك لو قلت: ما لا يضر «٧» من السباع فالأسد ضارّ، كان أبين. وأما معنى التقريب: فهذا أول ما أخبركم عنه، فلم يجدوا بدّا من أن


(١) آية ٧٢ سورة هود.
(٢) يريد بالقطع الحال.
(٣) يعنى أن مدلول «هذا» والاسم المحلى بأل بعده واحد مساو له، بأن يكون هو إياه لا يزيد عنه، ومراده بفعله الاسم الواقع بعد المحلى بأل، وعبر عنه بفعله لأنه من أحواله وصفاته، وقد يكون حدثا من أحواله وصفاته نحو الفراهة والإخافة، والضياء والنور فى الأمثلة التي أتى بها.
(٤) كذا فى الأصول.
والأنسب (إذ) .
(٥) عدم جواز النصب هنا أنه لو نصب «فاره» حالا، لتعين أن يكون «الحمار» خبر الاسم الإشارة فتكون الجملة الاسمية لا فائدة فيها لأنك تخبر عن شىء مشاهد بنفسه.
(٦) انظر فى التقريب عند الكوفيين الهمع ١/ ١١٣
(٧) كذا بالأصول، وقد يكون الأصل: ما لا يضرى من السباع فالأسد ضار.