للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَصُدُّونَ فردها على (كفروا) لأنها غير موقتة، وكذلك قوله إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ «١» المعنى: إلا الذين يتوبون من قبل أن تقدروا عليهم.

والله أعلم. وكذلك قوله إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً»

معناه: إلا من يتوب ويعمل صالحا. وقال الشاعر:

فإني لاتيكم تشكر ما مضى ... من الأمر واستيجاب ما كان فِي غد «٣»

يريد به المستقبل: لذلك قال (كان فِي غد) ولو كان ماضيا لقال: ما كان فِي أمس، ولم يجز ما كان فِي غد. وأمّا قول الكميت:

ما ذاق بؤس معيشةٍ ونعيمها ... فيما مضى أحد إذا لم يعشق

فمن ذلك إنما أراد: لم يذقها فيما مضى ولن يذوقها فيما يستقبل إذا كان لم يعشق.

وتقول: ما هلك امرؤ عرف قدره، فلو أدخلت فِي هذا (إذا) كانت أجود من (إذ) لأنك لم تخبر بذلك عن واحد فيكون بإذا، وإنما جعلته كالدأب فجرى الماضي والمستقبل. ومن ذلك أن يقول الرجل للرجل: كنت صابرا إذا ضربتك لأن المعنى: كنت كلما ضربت تصبر. فإذا قلت: كنت صابرا إذ ضربت، فإنما أخبرت عن صبره فِي ضربٍ واحد.

وقوله: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ... (١٥٩)

العرب تجعل (ما) صلة فِي المعرفة والنكرة واحدا.

قال الله فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ «٤» والمعنى فبنقضهم، وعَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ «٥» والمعنى: عن قليل. والله أعلم. وربما جعلوه اسما وهى فى مذهب


(١) آية ٣٤ سورة المائدة.
(٢) آية ٦٠ سورة مريم.
(٣) انظر ص ١٨٠ من هذا الجزء.
(٤) آية ١٥٥ سورة النساء، ١٣ سورة المائدة.
(٥) آية ٤٠ سورة المؤمنين.