للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو حرّة عيطل ثبجاء مجفرة ... دعائم الزور نعمت زورق البلد «١»

ويجوز أن تذكر الرجلين فتقول بئسا رجلين، وبئس رجلين، وللقوم: نعم قوما ونعموا قوما. وكذلك الجمع من «٢» المؤنث. وإنما وحدوا الفعل وقد جاء بعد الاسماء لأن بئس ونعم دلالة على مدح أو ذم لم يرد منهما مذهب الفعل، مثل قاما وقعدا.

فهذا فِي بئس ونعم مطرد كثير. وربما قيل فِي غيرهما مما هُوَ فِي معنى بئس ونعم.

وقال بعض العرب: قلت أبياتا جاد أبياتا، فوحد فعل البيوت. وكان الكسائي يقول: أضمر «٣» حاد بهن أبياتا، وليس هاهنا مضمر إنما هُوَ الفعل وما فِيهِ.

وقوله: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «٤» إنما وحد الرفيق وهو صفة لجمع لأن الرفيق والبريد والرسول تذهب به العرب إلى الواحد وإلى الجمع. فلذلك قَالَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ولا يجوز فِي مثله من الكلام أن تقول: حسن أولئك رَجُلا، ولا قبح أولئك رجلا، إنما يجوز أن توحد صفة الجمع إذا كان اسما مأخوذا من فعل ولم يكن اسما مصرحا مثل رَجُل وامرأة، ألا ترى أن الشاعر قال:

وإذا هُمُ طَعِمُوا فَأَلامُ طاعِمٍ ... وإذا هُمُ جاعوا فشرّ جياع «٥»


(١) هذا من قصيدة له فى مدح بلال بن أبى بردة بن أبى موسى الأشعري. ويريد بالحرة ناقة كريمة. والثبجاء: الضخمة الثبج- بالتحريك- وهو الصدر، يريد أنها عظيمة الجوف، والعيطل:
الطويلة العنق. والمجفرة: العظيمة الجنب الواسعة الجوف. وأراد بدعائم الزور قوائمها. وهو منصوب من «مجفرة» على التشبيه بالمفعول به. والبلد: المفازة. جعلها زورقا وسفينة على التشبيه كما يقال:
الإيل سفن الصحراء. وانظر الخزانة ٤/ ١١٩.
(٢) كذا فى أ، ح. وفى ش: «بين» .
(٣) يريد أن الفاعل عنده محذوف وهو (بهن) والباء زائدة. والفراء يرى أن الفاعل ضمير مستتر فى الفعل.
(٤) آية ٦٩ سورة النساء.
(٥) انظر ص ٣٣ من هذا الجزء.