للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ... (٩٥)

يقول: من أصاب صيدًا ناسيًا لإحرامه معتمدًا للصيد حكم عَلَيْهِ حاكمانِ عدلانِ فقيهان يسألانه: أقتلت قبل هَذَا صيدًا؟ فإن قَالَ: نعم، لَمْ يحكما عَلَيْهِ، وقالا:

ينتقمُ الله منك. وإن قَالَ: لا، حكما عَلَيْهِ، فإن بلغَ قيمةُ حكمها ثَمن بَدَنة أو شاة حكما بذلك عليه هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ وإن لَمْ يبلغ ثمن شاة حكما عَلَيْهِ بقيمة ما أصاب:

دراهم، ثُمَّ قوّماهُ طعامًا، وأطعمه المساكين لكل مسكين نصفُ صاع. فإن لَمْ يَجد حَكَما عَلَيْهِ أن يصوم يومًا مكان كل نصف صاع.

وقوله: أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً وَالْعَدْلُ: ما عادلَ الشيء من غير جنسه، والعدل المِثْل. وَذَلِكَ أن تَقُولُ: عندي عِدْلُ غلامك وَعِدْلُ شاتك إِذَا كَانَ غلامًا يعدل غلامًا أو شاة تعدل شاة. فإذا أردت قيمته من غير جنسه نضبت الْعَيْن.

وربما قَالَ بعضُ العرب: عِدله. وكأنه منهم غلط لتقارب معنى العَدْل من العِدل.

وقد اجتمعوا على واحد الأعدال أَنَّهُ عِدل. ونصبك الصيام عَلَى التفسير كما تَقُولُ: عندي رطلان عسلا، ومِلء بيت قَتّا «١» ، وهو مما يفسر للمبتدئ: أن ينظر إلى (مِنْ) فإذا حسنت فِيهِ ثُمَّ أُلقيت نصبت ألا ترى أنك تَقُولُ: عَلَيْهِ عَدْلُ ذَلِكَ من الصيام. وكذلك قول الله تبارك وتعالى «فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً» «٢» .


(١) القت: الرطبة واليابسة من علف الدواب.
(٢) آية ٩١ سورة آل عمران.