للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُبَّما آثرت القراء أحد الوجهين، أو يأتي ذَلِكَ فِي الكتاب بوجه فيرى من لا يعلم أَنَّهُ لا يَجوز غيره وهو جائز. ومِمّا آثروا من التأنيث قوله: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ «١» فآثروا التأنيث. ومِمّا آثروا فِيهِ التذكير قوله: لَنْ «٢» يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها والذي أتى فِي الكتاب بأحد الوجهين قوله: فُتِحَتْ «٣» أَبْوابُها ولو أتى بالتذكير كَانَ صوابًا.

ومعنى قوله: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ: لا تصعد أعمالهم. ويُقال:

إن أعمال الفجار لا تصعد ولكنها مكتوبة فى صخرة تحبت الأرض، وهي التي قَالَ الله تبارك وتعالى: كَلَّا «٤» إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ.

وقوله: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ الجمل هُوَ زوج الناقة. وقد ذكر عَن ابن عباس الْجُمَّلُ يعني الحبال «٥» المجموعة. ويُقال الخياط والْمَخِيط ويُراد الإبرة. وَفِي قراءة عبد الله (الْمِخْيَط) ومثله يأتي عَلَى هذين المثالين يُقال: إزار ومِئزر، ولِحاف ومِلحف، وقِناع ومِقنع، وقِرام «٦» ومِقرم.

وقوله: وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ (٤٨) وَذَلِكَ أنَّهم عَلَى سُور بين الجنة والنار يُقال لَهُ الأعراف، يرون أهل الجنة فيعرفونَهم ببياض وجوههم، ويعرفونَ أهل النار بسواد وجوههم، فذلك قوله:


(١) آية ١٠٦ سورة آل عمران. يريد أن القراء اختاروا التأنيث مع احتمال الرسم للتذكير، كما أنهم فى الآيات التالية فى الحج آثروا التذكير مع احتمال الرسم للتأنيث. ولا يخفى أن القراءة مرجعها إلى التلقي.
(٢) آية ٣٧ سورة الحج.
(٣) آية ٧١ سورة الزمر.
(٤) آية ٧ سورة المطففين.
(٥) فى القرطبي: «وهو حبل السفينة الذي يقال له الفلس. وهو حبال مجموعة» .
(٦) هو ثوب من صوف ملوّن يتخذ سترا.