للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي القرب والبعد ذكَّروا وأنَّثوا. وَذَلِكَ أن القريب فِي المعنى وإن كَانَ مرفوعًا فكأنه فِي تأويل: هي من مكان قريب. فجعل القريب خَلَفًا من المكان كما قَالَ الله تبارك وتعالى: وَما «١» هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ وقال: وَما «٢» يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ولو أنَّث ذَلِكَ فبنى عَلَى بعدَتْ منك فهي بعيدة وقَرُبت فهي قريبة كَانَ صوابًا حسنًا. وقال عروة «٣» :

عِشَّيَة لا عفراءُ مِنْكَ قريبة ... فتدنو ولا عفراء مِنك بعيد

ومن قَالَ بالرفع وذكَّر لَمْ يَجمع قريبًا [ولم] «٤» يثنه. ومن قَالَ: إنّ عفراء منك قريبة أو بعيدة ثنَّى وجَمَع.

وقوله: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ نَشْرًا (٥٧) والنَشْر من الرياح: الطيبة اللينة التي تنشئ السحاب. فقرأ بذلك أصحاب عبد الله. وقرأ غيرهم (بُشْراً) حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَسَدِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ «٥» الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِي «٦» عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَرَأَ (بُشْرًا) يُرِيدُ بَشِيرَةً، وَ (بَشْرًا) كَقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وتعالى: (يُرْسِلَ الرِّياحَ «٧» مُبَشِّراتٍ) .


(١) آية ٧٣ سورة هود.
(٢) آية ٦٣ سورة الأحزاب.
(٣) هو عروة بن حزام العذرى. والبيت ورد فى اللآلى ٤٠١ مع بيت آخر هكذا:
عشية لا عفراء منك بعيدة ... فتسلو ولا عفراء منك قريب
وإنى لتغشانى لذكراك فترة ... لها بين جلدى والعظام دبيب
ويرى أن ما أورده المؤلف رواية فى البيت غير ما ورد فى اللآلى. وفى الأغانى (الساسى) ٢٠/ ١٥٦ ستة أبيات على روى الباء يترجح أن تكون من قصيدة بيت الشاهد على ما روى فى اللآلى.
(٤) سقط ما بين القوسين فى ش، ج. والسياق يقتضيه.
(٥) هو عمرو بن عبد الله السبيعىّ أحد أعلام النابعين، توفى سنة ١٢٧
(٦) هو عبد الله بن حبيب المقري الكوفىّ، من ثقات التابعين، مات سنة ٨٥.
(٧) آية ٤٦ سورة الروم.