للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصيبها الرفع وما قبلها مكسور، فينبغي لَهَا أن تسكن فتسقط بواو الجمع. وربما أظهرت العرب الادغام فِي الجمع إرادة تأليف الأفعال وأنْ تكون كلها مشدّدة.

فقالوا فِي حَيِيت حَيُّوا، وَفِي عيِيت عَيُّوا أنشدني بعضهم:

يَحِدن بِنَا عَن كلّ حَيٍّ كأنَّنا ... أخارِيس عَيُّوا بالسلام وبالنَّسْبِ «١»

يريد النّسَبَ. وقال الآخر:

مِن الَّذِينَ إِذَا قلنا: حَدِيثَكم ... عَيُّوا، وإن نحن حَدَّثناهُمُ شَغبوا «٢»

وقد اجتمعت العرب عَلَى إدغام التحيَّة والتحيّات بِحركة الياء الأخيرة فيها كما استحبّوا إدغام عيَّ وَحَيَّ بالحركة اللازمة فيها. وقد يستقيم أن تدغم الياء والياء فِي يَحْيَا ويَعْيا وهو أقل من الادغام فِي حيّ لأن يحيا يسكن ياؤها إِذَا كانت فِي موضع رفع، فالحركة فيها ليست لازمة. وجواز ذَلِكَ أنك «٣» إِذَا نصبتها كقول الله تبارك وتعالى أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى «٤» استقام إدغامها هاهنا ثم نؤلّف الكلام، فيكون فِي رفعه وجزمه بالإدغام فتقول (هو يحىّ وَيُمِيتُ) أنشدني بعضهم:

وكأنها بين النساءِ سَبيِكةٌ ... تَمْشِي بِسُدَّةِ بَيْتها فَتُعِيُّ «٥»

وكذلك يَحَيَّان ويَحَيُّون.


(١) كأنه يصف إبلا سافروا عليها وتجنبوا الأحياء فى طريقهم. وأخاريس كأنه جمع أخرس، جمعه على أفاعل وأشبع الكسرة فتولدت الياء، وقد ذهب به مذهب الاسم فجمعه هذا الجمع، ولولا هذا لقال: خرس.
(٢) «قلنا: حديثكم» أي هاتوا حديثكم أو حدّثوا حديثكم. يرميهم بالعيّ والشغب.
(٣) سقط فى ش، ج. وثبت فى أ.
(٤) آية ٤٠ سورة القيامة.
(٥) سدة البيت: فناؤه. يصف امرأة أنها منعمة يثقل عليها المشي، فلو مشت بفناء بيتها لحقها الإعباء والكلال.