للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتقول: إنه «١» لكثير الدرهم. فأدّى الجماع عَن الواحد، والواحد عَن الجمع. وكذلك قَوْل العرب: عَلَيْهِ أخلاقُ نعلين وأخلاق ثوب أنشدني أَبُو الجرّاح العُقَيْلي:

جاء الشتاءُ وقمِيصِي أخلاقْ ... شراذمٌ يضحكُ مِنْه التوّاقْ «٢»

وقوله: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ (١٩) ولم يقل: سُقَاة الحاجّ وعامري ... كمن آمن، فهذا مثل قوله: وَلكِنَّ «٣» الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ يكون المصدر يكفي من الاسماء، والأسماءُ من المصدر إِذَا كَانَ المعنى مستدلا عَلَيْهِ بِهما أنشدني الْكِسَائي:

لعمرُكَ ما الفِتيان أن تنبُت اللِّحى ... ولكنما الفِتيانُ كلُّ فتى ندِي

فجعل خبر الفتيان (أن) . وهو كما تَقُولُ: إِنَّما السخاء حاتم، وإنّما الشعر زُهَيْر.

وقوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا (٢٠) ثم قال: أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ فموضع الَّذِينَ رفع بقوله: «أعظم درجة» . ولو لم يكن فيه (أعظم) جاز أن يكون مردودًا بالخفض عَلَى قوله (كمن آمن) . والعرب تردّ الاسم إِذَا كَانَ معرفة عَلَى (من) يريدون التكرير «٤» . ولا يكون نعتًا لأن (من) قد تكون معرفة، ونكرة، ومجهولة، ولا تكون نعتًا كما أن (الَّذِي) قد يكون نعتا


(١) سقط فى ش، ج. وثبت فى أ.
(٢) ثوب أخلاق: بال. والتوّاق: ابن الراجز. ويروى النوّاق بالنون. وانظر اللسان (توق) والخزانة فى الشاهد الرابع والثلاثين.
(٣) آية ١٧٧ سورة البقرة.
(٤) أي أن يكون بدلا من «من» .