للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا فعل، وَكَانَ الَّذِي يعمل فِي الاسم الَّذِي بعدها ما معه، ينصبه أو يرفعه أو يخفضه من ذَلِكَ قوله وَلكِنَّ «١» النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ وَلكِنَّ «٢» اللَّهَ رَمى (وَلكِنَّ «٣» الشَّياطِينَ كَفَرُوا) رُفعِت هَذِه الأحرف بالأفاعيل التي بعدها. وأمّا قوله مَا كانَ «٤» مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ فإنك أضمرت (كَانَ) بعد (لكن) فنصبت بِهَا، ولو رفعته عَلَى أن تضمر (هُوَ) : ولكن هُوَ رسول الله كَانَ صوابًا. ومثله (وَما كانَ «٥» هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) و (تصديق) . ومثله (مَا كانَ «٦» حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) (وتصديق) .

فإذا ألقيت من (لكن) الواو التي فِي أولها آثرت العرب تَخفيف نونها.

وَإِذَا أدخلوا الواو آثروا تشديدها. وإِنَّما فعلوا ذَلِكَ لأنها رجوع عمّا أصاب أول الكلام، فشبِّهت ببل إذْ كَانَ رجوعًا مثلها ألا ترى أنك تَقُولُ: لَمْ يقم أخوك بَلْ أبوك ثُمَّ تَقُولُ: لَمْ يقم أخوك لكن أبوك، فتراهما بِمعنى واحد، والواو لا تصلح فِي بَلْ، فإذا قالوا (ولكن) فأدخلوا الواو تباعدت من (بَلْ) إذ لَمْ تصلح الواو فِي (بَلْ) ، فآثروا فيها تشديد النون، وجعلوا الواو كأنها واو دخلت لعطف لا لِمعنى بَلْ.

وإنّما نصبت العرب بِهَا إِذَا شُددت نونها لأن أصلها: إن عبد الله قائم، فزيدت عَلَى (إن) لام وكاف فصارتا جميعًا حرفًا واحدًا ألا ترى أن الشاعر قَالَ:

ولكنني من حبّها لكميد «٧»


(١) الرفع والتخفيف قراءة الكسائىّ وحمزة وخلف. وقرأ الباقون بالتشديد والنصب.
(٢) آية ١٧ سورة الأنفال. وقراءة الرفع والتخفيف لابن عامر وحمزة والكسائىّ وخلف.
(٣) آية ١٠٢ سورة البقرة. والتخفيف والرفع للقرّاء الذين سلف ذكرهم آنفا.
(٤) آية ٤٠ سورة الأحزاب.
(٥) آية ٣٧ سورة يونس.
(٦) آية ١١١ سورة يوسف.
(٧) كميد وصف من كمد كفرح: أصابه الكمد وهو أشدّ الحزن. ويروى «لعميد» ، وهو فعيل فى معنى مفعول من عمده المرض أو العشق إذا فدحه وهدّه.