للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى براءة (قاتِلُوهُمْ «١» يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ) ثم قال (وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) فإذا رأيت الفعل منصوبًا وبعده فعل قد نُسِقَ عَلَيْهِ بواو أو فاء أو ثُمَّ أو أوْ فإن كَانَ يشاكل معنى الفعل الذي قبله نسقته عليه. وإن رأيته غير مشاكِل لمعناهُ استأنفته فرفعته.

فمن المنقطع ما أخبرتُكَ بِهِ. ومنه قول الله عَزَّ وَجَلَّ (وَاللَّهُ «٢» يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) رفعت (وَيُرِيدُ الَّذِينَ) لأنها لا تشاكل (أَنْ يَتُوبَ) ألا ترى أَنَّ ضمّك إيَّاهُمَا لا يَجوز، فاستأنفت أو رددته عَلَى قوله (وَاللَّهُ يُرِيدُ) ومثله (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ «٣» ) فيأبَى فِي موضع رفع لا يَجوز إلا ذَلِكَ.

ومثله قوله:

والشعر لا يَسْطيعُه من يظلمه ... يريد أن يعربه فيُعجِمُه «٤»

وكذلك تَقُولُ: آتيك أن تأتيني وأكرمك فتردّ (أكرمكَ) عَلَى الفعل الأول لأنه مُشاكل لَهُ وتقول آتيك أن تأتِيَني وتحسنَ إليّ فتجعل (وتحسن) مردودًا عَلَى ما شاكلها ويُقاس عَلَى هذا.

وقوله: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [٥] .

يقول: خوّفهم بأيَّام عادٍ وثَمُود وأشباههم بالعذاب وبالعفو عَن آخرين. وهو فِي المعنى كقولك:

خذهم بالشدّة واللين.

وقوله هاهنا: وَيُذَبِّحُونَ [٦] وفى موضع آخر (يذبحون «٥» ) بغير واو وفى موضع آخر


(١) الآية ١٤ من سورة التوبة.
(٢) الآية ٢٧ سورة النساء.
(٣) الآية ٣٢ سورة التوبة.
(٤) هذا من رجز ينسب إلى الحطيئة قاله حين احتضاره. وانظر الخزانة فى الشاهد ١٤٩.
(٥) الآية ٤٩ سورة البقرة. [.....]