للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(إِنَّ «١» شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ) فهذا أيضًا عذاب فِي بطونِهم يُسيغونه. وأَمَّا ما دخلت فِيهِ (كاد) ولم يفعل فقولك فِي الكلام: ما أتيته ولا كدِتُ، وقول الله عَزَّ وَجَلَّ فِي النور (إِذا «٢» أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) فهذا عندنا- والله أعلم- أَنَّهُ لا يراها. وقد قَالَ ذَلِكَ بعضُ الفقهاء لأنَّها لا تُرى فيما هُوَ دون هَذَا من الظلمات، وكيفَ بِظلمات قد وُصفت بأشدّ الوصف.

وقوله: ويأتيه الموت من كلّ مكان: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ: قَالَ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (يأتيه الموت) يَعْنِي: يَأْتِيهِ الْعَذَابُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ. حَدَّثَنِي هشيم عَن العوام بن حوشب عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ: من كل شَعَرة.

وقوله: (وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) العربُ إذا كَانَ الشيء قد مات قالوا: ميْت وميِّت. فإن قالوا:

هُوَ ميت إن ضربته قالوا: مائت وميّت. وقد قرأ بعضُ القراء (إِنَّكَ «٣» مَائِتٌ وَإِنَّهُمْ مَائِتُون) وقراءة العوام عَلَى (ميّت) . وكذلك يقولون هَذَا سيّد قومه وما هُوَ بسائدهم عَن قليل، فيقولون:

بسائدهم وسيّدهم، وكذلك يفعلونَ فِي كل نعت مثل طمع، يقال: طَمِعٌ إذا وُصف بالطمع، ويُقال هُوَ طامع أن «٤» يُصيب منك خيرًا، ويقولون: هُوَ سكران إذا كَانَ فِي سكره، وما هُوَ ساكر عَن كثرة الشراب، وهو كريم إذا كَانَ موصوفًا بالكرم، فإن نويت كَرَمًا يكون منه فيما يُستقبل قلت: كارم.

وقوله: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ [١٨] .

أضافَ الْمَثَلَ إليهم ثُمَّ قَالَ (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ) والمثل للأعمال والعرب تفعل


(١) الآيات ٤٣- ٤٥ سورة الدخان
(٢) الآية ٤٠ سورة النور
(٣) فى الآية ٣٠ سورة الزمر. وهذه القراءة قراءة الحسن وابن محيصن، كما فى الإتحاف [.....]
(٤) ا: «إذ»