للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرة أخرى تكريرا على «هُوَ» لما حال (بين «١» الإخراج وبين «هُوَ» كلام) ، فكان رفع الإخراج بالتكرير على «هُوَ» وإن شئت جعلت «هُوَ» عمادا ورفعت الإخراج بمحرم «٢» كما قال اللَّه جل وعز: «وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ» «٣» فالمعنى- والله أعلم- ليس بمزحزحه من العذاب التعمير فإن قلت: إن العرب إنما تجعل العماد فِي الظَّنّ لأنه ناصب، وفي «كان» و «ليس» لانهما يرفعان، وفي «إنّ» وأخواتها لانهن ينصِبْن، ولا ينبغي للواو وهي لا تنصب ولا ترفع ولا تخفض أن يكون لها عمادٌ، قلت: لم يوضع العماد على أن يكون لنصب أو لرفع أو لخفض، إنما وضع فِي كل موضع يبتدأ فِيهِ بالاسم قبل الفعل، فإذا رَأَيْت الواو فِي موضع تطلب الاسم دون الفعل صلح فِي ذلك العمادُ كقولك: أتيت زيدا وأبوه قائم، فقبيحٌ أن تقول: أتيت زيدا وقائم أَبُوهُ، وأتيت زَيْدًا ويقوم أَبُوهُ لأن الواو تطلب الأب، فلما بدأت بالفعل وإنما تطلب الْوَاوُ الاسم أدخلوا لها «هو» لأنّه اسم. قال الفرّاء «٤» : سمعت بعض العرب يقول:

كَانَ مرة وهو ينفع النّاس أحسابهم «٥» . وأنشدنى بعض العرب:


(١) فى ش، ج: «بينهما كلام» .
(٢) مراده بالعماد الضمير المسمى عند البصريين ضمير فصل، وسمى ضمير فصل لأنه فصل بين المبتدأ والخبر أو بين الخبر والنعت. ويسميه الكوفيون عمادا لأنه يعتمد عليه فى الفائدة إذ به يتبين أن الثاني خبر لا تابع. وبعض الكوفيين يسميه دعامة لأنه يدعم به الكلام أي يقوى به ويؤكد.
وقد قال النحاس: وزعم الفراء أن «هو» عماد، وهذا عند البصريين خطأ لا معنى له لأن العماد لا يكون فى أوّل الكلام.
(٣) آية ٩٦ من سورة البقرة.
(٤) «قال الفراء» : ساقط من أ. [.....]
(٥) هكذا المثال فى جميع الأصول.