للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلى رسوله، وإنما المعنى للرسول، ألا ترى أَنَّهُ قَالَ (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) ولم يقل (ليحكما) وإنّما بدئ بالله إعظامًا لَهُ، كما تَقُولُ: ما شاء الله وشئت وأنت تريد ما شئت، وكما تَقُولُ لعبدك: قد أعتقك الله وأعتقتك.

وقوله: إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ [٥١] لَيْسَ هَذَا بخبر ماض يُخبر عَنْهُ، كما تَقُولُ: إنَّما كنتُ صبيًّا، ولكنه: إنَّما كَانَ ينبغى أن يكون قول المؤمنين إذ دُعُوا أن يقولوا سمعنا. وهو أدب من الله. كذا جاء التفسير.

وقوله: فَإِنْ تَوَلَّوْا [٥٤] واجه القوم ومعناه: فإن تتَولَّوا. فهي فِي موضع جزم. ولو كانت لقومٍ غير مخاطبين كانت نَصْبًا لأنها بِمنزلة قولك: فإن قَامُوا. والجزاء يصلح فِيهِ لفظ فَعَل ويَفعل، كما قال (فَإِنْ فاؤُ «١» فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .

وقوله (فَإِنْ تَوَلَّوْا «٢» فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ) هَؤُلَاءِ غير مُخاطبين. وأنت تعرف مجزومه من منصوبه بالقراءة بعده ألا ترى قوله (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) ولم يقل: وعليهم. وقال (وَإِنْ «٣» تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) فهذا يدل عَلَى فعلوا.

وقوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ [٥٥] الْعِدَة قول يصلح فيها أنْ وجواب اليمين. فتقول: وعدتك أن آتيك، ووعدتك لآتينَّكَ. ومثله (ثُمَّ «٤» بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) وإنّ أنْ تصلح فِي مثله من الكلام. وقد فُسِّرَ فِي غير هَذَا الموضع.

وقوله (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ) قرأها عَاصِم بن أبي النجود والأعمش (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ) بالتشديد. وقرأ


(١) الآية ٢٢٦ سورة البقرة
(٢) الآية ١٢٩ سورة التوبة.
(٣) الآية ١٣٧ سورة البقرة.
(٤) الآية ٣٥ سورة يوسف.