للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ) ذكروا أن موسى الَّذِي قَالَ لَهُ ذَلِكَ لأنه من قومه وإن كَانَ عَلَى غير دينه. وجمعه هاهنا وهو واحد كقول الله (الَّذِينَ «١» قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) وإنَّما كَانَ رَجُلًا من أشجع وقوله (الْفَرِحِينَ) ولو قيل: الفارحين كَانَ صوابًا، كأنَّ الفارحين: الَّذِينَ يفرحونَ فيما يستقبلونَ، والفرحين الَّذِينَ هم فِيهِ الساعة، مثل الطامع والطمع، والمائت والميت، والسالس والسَّلس. أنشدني بعض بني دُبَيْر، وهم فصحاء بني أسد:

ممكورةٌ غَرْثَى الوشاحِ السَّالِسِ ... تضحك عَن ذي أُشُر عُضارس «٢»

العضارس البارد وهو مأخوذ من الْعَضْرس وهو البرد. يُقال: سَالِس وسلِس.

وقوله: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي [٧٨] : عَلَى فضلٍ عندي، أي كنت أهله ومستحقًا لَهُ، إذ أعطيته لفضل علمي. ويُقال: (أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) ثُمَّ قَالَ (عِنْدِي) أي كذاك أرى كما قَالَ (إِنَّما أُوتِيتُهُ «٣» عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) .

وقوله: (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) يقول: لا يسأل المجرم عَن ذنبه. الْهَاء والميم للمجرمين. يقول: يعرفون بسيماهم. وهو كقوله: (فَيَوْمَئِذٍ «٤» لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) ثم بيّن فقال: (يُعْرَفُ «٥» الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ)

وقوله: وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ [٨٠] يقول: ولا يلقى أن يقول ثَوَابُ اللَّهِ خير لمن آمن وعمل صالحا إلا الصابرون. ولو كانت: ولا يلقاه لكان صوابًا لأنه كلام والكلام يُذهب بِهِ إلى التأنيث والتذكير. وَفِي قراءة عبد الله (بَل هي آيَاتٌ بيِّنات) وَفِي قراءتنا (بَلْ هُوَ «٦» آيات) فمن قال


(١) الآية ١٧٣ سورة آل عمران.
(٢) الممكورة: الحسنة الساقين. وغرثى الوشاح: «خميصة البطن دقيقة الخصر» . والسالس: اللين. والأشر:
تحزيز الأسنان. ويريد بذي أشر ثغرها.
(٣) الآية ٤٩ سورة الزمر.
(٤) الآية ٣٩ سورة الرحمن.
(٥) الآية ٤١ سورة الرحمن.
(٦) الآية ٤٩ سورة العنكبوت.