للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضهم: (ماذا قالَ رَبُّكُمْ) فلم يدروا، ولكنهم قالوا: قَالَ الحق. ولو قرئ (الْحَقّ) بالرفع أي هُوَ الحق كَانَ صوابًا. ومن نصب أوقع عَلَيْهِ القول: قالوا قالَ الحق.

وقوله: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً [٢٤] قَالَ المفسرون معناه: وإنا لعلى هُدًى وأنتم فِي ضلال مبين، معنى (أو) معنى الواو عندهم. وكذلك هُوَ فِي المعنى. غير أن العربية عَلَى غير ذَلِكَ: لا تكون (أو) بمنزلة الواو. ولكنها تكون فِي الأمر المفوض، كما تَقُولُ: إن شئت فخذ درهمًا أو اثنين، فله أن يأخذ واحدًا أو اثنين، وليس لَهُ أن يأخذ ثلاثة. وَفِي قول من لا يُبصر العربية ويجعل (أو) بمنزلة الواو يَجوز لَهُ أن يأخذ ثلاثة لأنه فِي قولهم بمنزلة قولك: خذ درهمًا واثنين. والمعنى فى قوله (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ) : إنا لضالون أو مهتدون، وإنكم أيضًا لضالون أو مهتدونَ، وهو يعلم أن رسوله المهتدي وأن غيره الضال: الضالون. فأنت تَقُولُ فِي الكلام للرجل: إن أحدنا لكاذب فكذبته تكذيبًا غير مكشوف. وهو فِي القرآن وَفِي كلام العرب كَثِير: أن يوّجه الكلام إلى أحسن مذاهبه إِذَا عُرف كقولك: والله لقد قدم فلان وهو كاذب/ ١٥٣ ب فيقول العالم: قل:

إن شاء الله أو قل فيما أظن فيُكذّبه بأحسن من تصريح التكذيب، ومن كلام العرب أن يقولوا.

قاتله الله: ثُمَّ يستقبحونها، فيقولون: قاتعه وكاتعه. ويقولون جوعًا دعاء عَلَى الرجل، ثُمَّ يستقبحونها فيقولون: جُودًا، وبعضهم: جُوسًا. ومن ذَلِكَ قولهم: وَيْحَك وويسكَ، إنما هي ويلك إلا أنها دونها بمنزلة ما مضى.

وقوله: قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ [٣٠] ولو قرئت «١» : ميعادٌ يَوْمٌ. ولو كانت فِي الكتاب (يومًا «٢» ) بالألف لَجاز، تريد: ميعاد فِي يوم.

وقوله: لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ [٣١] : التوراة لَمَّا قَالَ أهل الكتاب:

صفةُ مُحَمَّد فِي كتابنا كفر أهل مكة بالقرآن وبالذي بين يديه: الذي قبله التوراة.


(١) جواب لو محذوف أي لجاز.
(٢) هى قراءة ابن أبى عبلة واليزيدي كما فى البحر ٧/ ٢٨٢. وهى قراءة شاذة.