للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِيرَةً، وَإِذَا صَارَتْ حَقِيرَةً خَفَّ عَلَى الْقَلْبِ فِقْدَانُهَا وَوِجْدَانُهَا فَلَا يَسْتَوْحِشُ مِنْ فِقْدَانِهَا وَلَا يَسْتَرِيحُ بِوِجْدَانِهَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَزُولُ الْحُزْنُ وَالْغَمُّ. وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: مَنِ اعْتَقَدَ تَنْزِيهَ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ الْقَبَائِحِ سَهُلَ عَلَيْهِ تَحَمُّلُ الْمَشَاقِّ، فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَدْلٌ مُنَزَّهٌ عَنْ إِنْزَالِ الْمَشَاقِّ بِهِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ وَلَا فَائِدَةٍ فَحِينَئِذٍ يَطِيبُ قَلْبُهُ، وَقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ: إِذَا نَزَلَ بِالْعَبْدِ بَعْضُ الْمَكَارِهِ فَزِعَ إِلَى الطَّاعَاتِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: تَجِبُ عَلَيَّ عِبَادَتُكَ سَوَاءً أَعْطَيْتَنِي الْخَيْرَاتِ أَوْ أَلْقَيْتَنِي فِي الْمَكْرُوهَاتِ، وَقَوْلُهُ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُرِيدُ الْمَوْتَ وَسُمِّيَ الْمَوْتُ بِالْيَقِينِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُتَيَقِّنٌ.

فَإِنْ قِيلَ: فَأَيُّ فَائِدَةٍ لِهَذَا التَّوْقِيتِ مَعَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْعِبَادَاتُ؟

قُلْنَا: الْمُرَادُ مِنْهُ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ فِي زَمَانِ حَيَاتِكَ وَلَا تَخْلُ لَحْظَةٌ مِنْ لَحَظَاتِ الْحَيَاةِ عَنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

تَمَّ تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>