للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ اهْتَدى الْمُرَادُ دَوَامُ الِاهْتِدَاءِ.

السُّؤَالُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى الْمِيعَادِ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي/ عَيَّنَهُ اللَّه تَعَالَى لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَعْجِيلًا ثُمَّ ظَنَّ أَنَّ مُخَالَفَةَ أَمْرِ اللَّه تَعَالَى سَبَبٌ لِتَحْصِيلِ رِضَاهُ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِأَجْهَلِ النَّاسِ فَضْلًا عَنْ كَلِيمِ اللَّه تَعَالَى. وَالْجَوَابُ: مَا ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِالِاجْتِهَادِ وَأَخْطَأَ فِيهِ.

السُّؤَالُ السَّادِسُ: قَوْلُهُ: إِلَيْكَ يَقْتَضِي كَوْنَ اللَّه فِي الْجِهَةِ لِأَنَّ إِلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ. الْجَوَابُ: تَوَافَقْنَا عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَكُنْ فِي الْجَبَلِ فَالْمُرَادُ إِلَى مَكَانِ وَعْدِكَ.

السؤال السابع: ما أَعْجَلَكَ سُؤَالٌ عَنْ سَبَبِ الْعَجَلَةِ فَكَانَ جَوَابُهُ اللَّائِقُ بِهِ أَنْ يَقُولَ: طَلَبْتُ زِيَادَةَ رِضَاكَ وَالشَّوْقَ إِلَى كَلَامِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي فَغَيْرُ مُنْطَبِقٍ عَلَيْهِ كَمَا تَرَى وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ سُؤَالَ اللَّه تَعَالَى يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِنْكَارُ نَفْسِ الْعَجَلَةِ. وَالثَّانِي: السُّؤَالُ عَنْ سَبَبِ التَّقَدُّمِ فَكَانَ أَهَمُّ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْجَوَابِ هَذَا الثَّانِي فَقَالَ: لَمْ يُوجَدْ مِنِّي إِلَّا تَقَدُّمٌ يَسِيرٌ لَا يُحْتَفَلُ بِهِ فِي الْعَادَةِ وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ سَبَقْتُهُ إِلَّا تَقَدُّمٌ يَسِيرٌ يَتَقَدَّمُ بِمِثْلِهِ الْوَفْدُ عَنْ قَوْمِهِمْ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِجَوَابِ السُّؤَالِ عَنِ الْعَجَلَةِ فَقَالَ: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى. الثَّانِي: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ هَيْبَةِ عِتَابِ اللَّه تَعَالَى مَا وَرَدَ ذَهَلَ عَنِ الْجَوَابِ الْمُنْطَبِقِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى حُدُودِ الْكَلَامِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسى دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُ بِحُضُورِ الْمِيقَاتِ مَعَ قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْقَوْمِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمُ النُّقَبَاءُ السَّبْعُونَ الَّذِينَ قَدِ اخْتَارَهُمُ اللَّه تَعَالَى لِيَخْرُجُوا مَعَهُ إِلَى الطُّورِ فَتَقَدَّمَهُمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ شَوْقًا إِلَى رَبِّهِ.

وَقَالَ آخَرُونَ: الْقَوْمُ جُمْلَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُمُ الَّذِينَ خَلَّفَهُمْ مُوسَى مَعَ هَارُونَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ فِيهِمْ خَلِيفَةً لَهُ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ هُوَ مَعَ السَّبْعِينَ فَقَالَ: هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي يَعْنِي بِالْقُرْبِ مِنِّي يَنْتَظِرُونَنِي، وَعَنْ أَبِي عَمْرٍو وَيَعْقُوبَ إِثْرِي بِالْكَسْرِ وَعَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ أُثْرِي بِالضَّمِّ، وَعَنْهُ أَيْضًا أُولَى بِالْقَصْرِ، وَالْأَثَرُ أَفْصَحُ مِنَ الْأُثْرِ. وَأَمَّا الْأَثْرُ فَمَسْمُوعٌ فِي فرند السيف وهو بمعنى الأثر غريب.

[سورة طه (٢٠) : الآيات ٨٥ الى ٨٩]

قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (٨٦) قالُوا مَا أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (٨٧) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هَذَا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ (٨٨) أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً (٨٩)

اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ لِمُوسَى: وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ [طه: ٨٣] وَقَالَ مُوسَى فِي جَوَابِهِ:

وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى [طه: ٨٤] عَرَّفَهُ اللَّه تَعَالَى مَا حَدَثَ مِنَ الْقَوْمِ بَعْدَ أَنْ فَارَقَهُمْ مِمَّا كَانَ يَبْعُدُ أَنْ يَحْدُثَ لَوْ كَانَ مَعَهُمْ فَقَالَ: فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ وهاهنا مَسَائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ فِيهِمُ الْكُفْرَ لِوَجْهَيْنِ، الْوَجْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>