للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السِّينِ إِلَى الصَّادِ، فَإِنَّ الدَّالَ تُذْكَرُ بِطَرْفِ اللِّسَانِ وَالطَّاءَ تُذْكَرُ بِكُلِّ اللِّسَانِ وَكَذَلِكَ السِّينُ تُذْكَرُ بِطَرْفِ اللِّسَانِ وَالصَّادُ تُذْكَرُ بِكُلِّ اللِّسَانِ، فَثَبَتَ أَنَّ نِسْبَةَ اللَّامِ الرَّقِيقَةِ إِلَى اللَّامِ الْغَلِيظَةِ كَنِسْبَةِ الدَّالِ إِلَى الطَّاءِ وَكَنِسْبَةِ السِّينِ إِلَى الصَّادِ، ثُمَّ أَنَّا رَأَيْنَا أَنَّ الْقَوْمَ قَالُوا الدَّالُ حَرْفٌ وَالطَّاءُ حَرْفٌ آخَرُ، وَكَذَلِكَ السِّينُ حَرْفٌ وَالصَّادُ حَرْفٌ آخَرُ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَيْضًا أَنْ يَقُولُوا: اللَّامُ الرَّقِيقَةُ حَرْفٌ وَاللَّامُ الْغَلِيظَةُ حَرْفٌ آخَرُ، وَأَنَّهُمْ مَا فَعَلُوا ذَلِكَ ولا بد من الفرق.

حكم الإدغام:

المسألة الخامسة [حكم الإدغام] : تَشْدِيدُ اللَّامِ مِنْ قَوْلِكَ: «اللَّهِ» لِلْإِدْغَامِ فَإِنَّهُ حَصَلَ هُنَاكَ لَامَانِ الْأُولَى: لَامُ التَّعْرِيفِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ وَالثَّانِيَةُ: لَامُ الْأَصْلِ وَهِيَ مُتَحَرِّكَةٌ، وَإِذَا الْتَقَى حَرْفَانِ مِثْلَانِ مِنَ الْحُرُوفِ كُلِّهَا وَكَانَ أَوَّلُ الْحَرْفَيْنِ سَاكِنًا وَالثَّانِي مُتَحَرِّكًا أُدْغِمَ السَّاكِنُ فِي الْمُتَحَرِّكِ ضَرُورَةً سَوَاءٌ كَانَا فِي كَلِمَتَيْنِ أو كلمة واحدة، وأما فِي الْكَلِمَتَيْنِ فَكَمَا فِي قَوْلِهِ: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ، [البقرة: ١٦] وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ، [النحل: ٥٣] ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ

[الرعد: ٣٤] وَأَمَّا فِي الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ فَكَمَا فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ وَالْوَاوَ وَالْيَاءَ إِنْ كَانَتْ سَاكِنَةً امْتَنَعَ اجْتِمَاعُ مِثْلَيْنِ، فَامْتَنَعَ الْإِدْغَامُ لِهَذَا السَّبَبِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَحَرِّكَةً وَاجْتَمَعَ فِيهَا مِثْلَانِ كَانَ الْإِدْغَامُ جَائِزًا.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لأرباب الإشارات والمجاهدات هاهنا دَقِيقَةٌ، وَهِيَ أَنَّ لَامَ التَّعْرِيفِ وَلَامَ الْأَصْلِ مِنْ لَفْظَةِ «اللَّهِ» اجْتَمَعَا فَأُدْغِمَ أَحَدُهُمَا فِي الثَّانِي، فَسَقَطَ لَامُ الْمَعْرِفَةِ وَبَقِيَ لَامُ لَفْظَةِ اللَّهِ، وَهَذَا كَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَعْرِفَةَ إِذَا حصلت إلى حضرة المعروفة سَقَطَتِ الْمَعْرِفَةُ وَفَنِيَتْ وَبَطَلَتْ، وَبَقِيَ الْمَعْرُوفُ الْأَزَلِيُّ كَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ.

مد لام الجلالة:

المسألة السابعة [مد لام الجلالة] : لَا يَجُوزُ حَذْفُ الْأَلِفِ مِنْ قَوْلِنَا: اللَّهِ فِي اللَّفْظِ، وَجَازَ ذَلِكَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ عِنْدَ الْوَقْفِ عَلَيْهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: -

أَقْبَلَ سَيْلٌ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ... يَجُودُ جُودَ الْجَنَّةِ الْمُغِلَّةِ

انْتَهَى، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ مَسَائِلُ فِي الشَّرِيعَةِ: إِحْدَاهَا: أَنَّهُ عِنْدَ الْحَلِفِ لَوْ قَالَ بِلَّهِ فَهَلْ يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ أَمْ لَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَّهِ اسْمٌ لِلرُّطُوبَةِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ، وَقَالَ آخَرُونَ يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهِ لِأَنَّهُ بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ جَائِزٌ، وَقَدْ نَوَى بِهِ الْحَلِفَ فَوَجَبَ أَنْ تَنْعَقِدَ وثانيها: لَوْ ذَكَرَهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ عِنْدَ الذَّبِيحَةِ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَثَالِثُهَا: لَوْ ذَكَرَ قَوْلَهُ: «اللَّهُ» فِي قَوْلِهِ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» هَلْ تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ بِهِ أَمْ لَا؟.

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَمْ يَقْرَأْ أَحَدٌ اللَّهِ بِالْإِمَالَةِ إِلَّا قتيبة في بعض الروايات انتهى.

حكم لام أل:

المسألة التاسعة [حكم لام أل] : تَشْدِيدُ الرَّاءِ مِنْ قَوْلِهِ: «الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» لِأَجْلِ إِدْغَامِ لَامِ التَّعْرِيفِ فِي الرَّاءِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقُرَّاءِ فِي لُزُومِ إِدْغَامِ لَامِ التَّعْرِيفِ فِي اللَّامِ، وَفِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَرْفًا سِوَاهُ وَهِيَ: الصَّادُ، وَالضَّادُ، وَالسِّينُ، وَالشِّينُ، وَالدَّالُ، وَالذَّالُ، وَالرَّاءُ، وَالزَّايُ، وَالطَّاءُ، وَالظَّاءُ، وَالتَّاءُ، وَالثَّاءُ، وَالنُّونُ، انْتَهَى. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: