للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتولّد ذلك الفعل منه، كمن يرمي صيدا فأصاب إنسانا، أو شرب مسكرا فجنى جناية في سكره، والسبب سببان: سبب محظور فعله، كشرب المسكر وما يتولّد عنه من الخطإ غير متجاف عنه، وسبب غير محظور، كرمي الصّيد، قال تعالى:

وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب/ ٥] ، وقال تعالى:

وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً

[النساء/ ١١٢] ، فالخطيئة هاهنا هي التي لا تكون عن قصد إلى فعله، قال تعالى: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا [نوح/ ٢٤] ، مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ [نوح/ ٢٥] ، إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا [الشعراء/ ٥١] ، وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ [العنكبوت/ ١٢] ، وقال تعالى: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء/ ٨٢] ، والجمع الخطيئات والخطايا، وقوله تعالى: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ [البقرة/ ٥٨] ، فهي المقصود إليها، والخاطِئُ «١» هو القاصد للذّنب، وعلى ذلك قوله: وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ [الحاقة/ ٣٦- ٣٧] ، وقد يسمّى الذّنب خَاطِئَةً في قوله تعالى: وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ [الحاقة/ ٩] ، أي:

الذنب العظيم، وذلك نحو قولهم: شعر شاعر.

فأما ما لم يكن مقصودا فقد ذكر عليه السلام أنّه متجافى عنه، وقوله تعالى: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ [البقرة/ ٥٨] ، فالمعنى ما تقدّم.

[خطو]

خَطَوْتُ أَخْطُو خَطْوَةً، أي: مرّة، والخُطْوَة ما بين القدمين «٢» ، قال تعالى: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ

[البقرة/ ١٦٨] ، أي: لا تتّبعوه، وذلك نحو قوله: وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى [ص/ ٢٦] .

[خف]

الخَفِيف: بإزاء الثّقيل، ويقال ذلك تارة باعتبار المضايفة بالوزن، وقياس شيئين أحدهما بالآخر، نحو: درهم خفيف، ودرهم ثقيل.

والثاني: يقال باعتبار مضايفة الزّمان، نحو: فرس خفيف، وفرس ثقيل: إذا عدا أحدهما أكثر من الآخر في زمان واحد. الثالث: يقال خفيف فيما يستحليه الناس، وثقيل فيما يستوخمه، فيكون الخفيف مدحا، والثقيل ذمّا، ومنه قوله تعالى:

الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ

[الأنفال/ ٦٦] ، فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ [البقرة/ ٨٦] ، وأرى أنّ


(١) قال الأموي: المخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطئ من تعمد لما لا ينبغي. انظر: العباب (خطأ) .
(٢) قال ابن المرحّل:
وخطوة بالفتح نقل القدمين ... وخطوة مضمومة ما بين تين
وجمع الأول خطاء، والخطى ... جمع الأخير، وبضمّ ضبطا

<<  <   >  >>