للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبقى من الإنسان على حالته، فلا يستحيل ما دام الإنسان حيّا استحالة سائر أجزائه «١» ، وأصل المُخَلَّد: الذي يبقى مدّة طويلة ومنه قيل: رجل مُخَلَّد لمن أبطأ عنه الشيب، ودابة مُخَلَّدَة: هي التي تبقى ثناياها حتى تخرج رباعيتها، ثم استعير للمبقيّ دائما. والخُلُودُ في الجنّة: بقاء الأشياء على الحالة التي عليها من غير اعتراض الفساد عليها، قال تعالى: أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ

[البقرة/ ٨٢] ، أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [البقرة/ ٣٩] ، وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها [النساء/ ٩٣] ، وقوله تعالى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ

[الواقعة/ ١٧] ، قيل:

مبقون بحالتهم لا يعتريهم استحالة، وقيل:

مقرّطون بخلدة، والخَلَدَة: ضرب من القرطة «٢» ، وإِخلادُ الشيء: جعله مبقى، والحكم عليه بكونه مبقى، وعلى هذا قوله سبحانه: وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ

[الأعراف/ ١٧٦] ، أي:

ركن إليها ظانّا أنه يخلد فيها.

[خلص]

الخالص كالصافي إلّا أنّ الخالص هو ما زال عنه شوبه بعد أن كان فيه، والصّافي قد يقال لما لا شوب فيه، ويقال: خَلَّصْته فَخَلَصَ، ولذلك قال الشاعر:

١٤٦-

خلاص الخمر من نسج الفدام

«٣» قال تعالى: وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا [الأنعام/ ١٣٩] ، ويقال: هذا خالص وخالصة، نحو: داهية وراوية، وقوله تعالى: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا [يوسف/ ٨٠] ، أي: انفردوا خالصين عن غيرهم. وقوله: وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ

[البقرة/ ١٣٩] ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ

[يوسف/ ٢٤] ، فإخلاص المسلمين أنّهم قد تبرّؤوا ممّا يدّعيه اليهود من التشبيه، والنصارى من التثليث، قال تعالى: مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الأعراف/ ٢٩] ، وقال: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة/ ٧٣] ، وقال:

وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ [النساء/ ١٤٦] ، وهو


(١) انظر: البصائر ٢/ ٥٥٨.
(٢) القرطة والأقراط والقراط جمع: قرط، وهو نوع من حليّ الأذن، وهذا قول ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٤٤٧.
(٣) هذا عجز بيت، وشطره الأول:
وضاقت خطة فخلصت منها
والعجز في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ للسمين مادة (خلص) ، وعقد الخلاص ص ٣٠٥ دون نسبة، وهو للمتنبي في الوساطة بين المتنبي وخصومه ص ١٢٠، والتبيان شرح الديوان ٤/ ١٤٨.
والفدام: ما يوضع في فم الإبريق ليصفّى به ما فيه.

<<  <   >  >>