للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النهار وسواد الليل) «١» . وخيّط الشّيب في رأسه «٢» : بدا كالخيط، والخَيْط: النّعام، وجمعه خِيطَان، ونعامة خَيْطاء: طويلة العنق، كأنما عنقها خيط.

[خوف]

الخَوْف: توقّع مكروه عن أمارة مظنونة، أو معلومة، كما أنّ الرّجاء والطمع توقّع محبوب عن أمارة مظنونة، أو معلومة، ويضادّ الخوف الأمن، ويستعمل ذلك في الأمور الدنيوية والأخروية.

قال تعالى: وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ

[الإسراء/ ٥٧] ، وقال: وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ [الأنعام/ ٨١] ، وقال تعالى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً [السجدة/ ١٦] ، وقال: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا

[النساء/ ٣] ، وقوله: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما [النساء/ ٣٥] ، فقد فسّر ذلك بعرفتم «٣» ، وحقيقته: وإن وقع لكم خوف من ذلك لمعرفتكم. والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرّعب، كاستشعار الخوف من الأسد، بل إنما يراد به الكفّ عن المعاصي واختيار الطّاعات، ولذلك قيل: لا يعدّ خائفا من لم يكن للذنوب تاركا. والتَّخويفُ من الله تعالى:

هو الحثّ على التّحرّز، وعلى ذلك قوله تعالى:

ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ

[الزمر/ ١٦] ، ونهى الله تعالى عن مخافة الشيطان، والمبالاة بتخويفه فقال: إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران/ ١٧٥] ، أي: فلا تأتمروا لشيطان وائتمروا لله، ويقال: تخوّفناهم أي: تنقّصناهم تنقّصا اقتضاه الخوف منه. وقوله تعالى: وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي [مريم/ ٥] ، فخوفه منهم: أن لا يراعوا الشّريعة، ولا يحفظوا نظام الدّين، لا أن يرثوا ماله كما ظنّه بعض الجهلة، فالقنيّات الدّنيويّة أخسّ عند الأنبياء عليهم السّلام من أن يشفقوا عليها. والخِيفَةُ: الحالة التي عليها الإنسان من الخوف، قال تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا: لا تَخَفْ [طه/ ٦٧] ، واستعمل استعمال الخوف في قوله:

وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ [الرعد/ ١٣] ، وقوله:

تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ [الروم/ ٢٨] ، أي: كخوفكم، وتخصيص لفظ الخيفة تنبيها أن الخوف منهم حالة لازمة لا تفارقهم، والتَّخَوُّفُ:

ظهور الخوف من الإنسان، قال:


(١) الحديث أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وأحمد ٤/ ٣٧٧، والنسائي ٤/ ١٤٨.
انظر: فتح الباري، كتاب التفسير ٨/ ١٨٢، ومسلم ١٠٩١، وأبا داود ٢٣٤٩.
(٢) راجع: المجمل ٢/ ٣٠٨، واللسان (خيط) .
(٣) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ١٢٦: قوله: وَإِنْ خِفْتُمْ: أيقنتم.

<<  <   >  >>