للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ

[البقرة/ ١٨٧] ، تنبيها على جواز دعائهنّ إلى ذلك، ومكالمتهنّ فيه، وعدّي بإلى لتضمّنه معنى الإفضاء، وقوله: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ

[البقرة/ ١٩٧] ، يحتمل أن يكون نهيا عن تعاطي الجماع، وأن يكون نهيا عن الحديث في ذلك، إذ هو من دواعيه، والأوّل أصحّ لما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه أنشد في الطّواف:

١٩٥-

فهنّ يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطّير ننك لميسا

«١» يقال: رَفَثَ وأَرْفَثَ، فَرَفَثَ: فَعَلَ، وأَرْفَثَ:

صار ذا رَفَثٍ، وهما كالمتلازمين، ولهذا يستعمل أحدهما موضع الآخر.

[رفد]

الرِّفْدُ: المعونة والعطيّة، والرَّفْدُ مصدر، والْمِرْفَدُ: ما يجعل فيه الرِّفْدُ من الطعام، ولهذا فسّر بالقدح، وقد رَفَدْتُهُ: أنلته بالرّفد، قال تعالى: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ

[هود/ ٩٩] ، وأَرْفَدْتُهُ: جعلت له رِفْداً يتناوله شيئا فشيئا، فَرَفَدَهُ وأَرْفَدَهُ نحو: سقاه وأسقاه، ورُفِدَ فلان فهو مُرْفَدٌ، استعير لمن أعطي الرّئاسة، والرَّفُودُ: الناقة التي تملأ المرفد لبنا من كثرة لبنها، فهي فَعول في معنى فاعل. وقيل: الْمَرَافِيدُ من النّوق والشاء:

ما لا ينقطع لبنه صيفا وشتاء، وقول الشاعر:

١٩٦-

فأطعمت العراق ورَافِدَيْهِ ... فزاريّا أحذّ يد القميص

«٢» أي: دجلة والفرات، وتَرَافَدُوا: تعاونوا، ومنه: الرِّفَادَةُ، وهي: معاونة للحاجّ كانت من قريش بشيء كانوا يخرجونه لفقراء الحاجّ.

[رفع]

الرَّفْعُ يقال تارة في الأجسام الموضوعة إذا أعليتها عن مقرّها، نحو: وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ

[البقرة/ ٩٣] ، قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها

[الرعد/ ٢] ، وتارة في البناء إذا طوّلته، نحو قوله: وَإِذْ يَرْفَعُ


(١) أخرج الحاكم وصححه وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن أبي العالية قال: كنت أمشي مع ابن عباس وهو محرم، وهو يرتجز بالإبل ويقول:
وهنّ يمشين بنا هميسا ... إن يصدق الطير ننك لميسا
فقلت: أترفث وأنت محرم؟ قال: إنما الرّفث ما روجع به النساء. انظر: الدر المنثور ١/ ٥٢٨، والمستدرك ٢/ ٤٧٦.
(٢) البيت للفرزدق يهجو عمر بن هبيرة، يقول:
أمير المؤمنين وأنت وال ... شفيق لست بالوالي الحريص
أأطعمت العراق ورافديه ... فزاريّا أحذّ يد القميص
وهو في ديوانه ص ٣٣٨، والمجمل ٢/ ٣٩٠.
الأحذّ: المقطوع اليد، أراد أنه قصير اليدين عن طلب المعالي.

<<  <   >  >>