للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٠٧-

وكلّ خليل رَاءَنِي فهو قائل ... من أجلك: هذا هامة اليوم أو غد

«١» وتحذف الهمزة من مستقبله «٢» ، فيقال: تَرَى ويَرَى ونَرَى، قال: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً

[مريم/ ٢٦] ، وقال: أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ

[فصلت/ ٢٩] ، وقرئ:

أرنا «٣» . والرُّؤْيَةُ: إدراك الْمَرْئِيُّ، وذلك أضرب بحسب قوى النّفس:

والأوّل: بالحاسّة وما يجري مجراها، نحو:

لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ

[التكاثر/ ٦- ٧] ، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ

[الزمر/ ٦٠] ، وقوله: فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ [التوبة/ ١٠٥] فإنه ممّا أجري مجرى الرّؤية الحاسّة، فإنّ الحاسّة لا تصحّ على الله، تعالى عن ذلك، وقوله: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف/ ٢٧] .

والثاني: بالوهم والتّخيّل، نحو: أَرَى أنّ زيدا منطلق، ونحو قوله: وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا [الأنفال/ ٥٠] .

والثالث: بالتّفكّر، نحو: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ

[الأنفال/ ٤٨] .

والرابع: بالعقل، وعلى ذلك قوله: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى

[النجم/ ١١] ، وعلى ذلك حمل قوله: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى

[النجم/ ١٣] .

ورَأَى إذا عدّي إلى مفعولين اقتضى معنى العلم، نحو: وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ

[سبأ/ ٦] ، وقال: إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ [الكهف/ ٣٩] ، ويجري (أَرَأَيْتَ) مجرى أخبرني، فيدخل عليه الكاف، ويترك التاء على حالته في التّثنية، والجمع، والتأنيث، ويسلّط التّغيير على الكاف دون التّاء، قال: أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي

[الإسراء/ ٦٢] ، قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ

[الأنعام/ ٤٠] ، وقوله: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى

[العلق/ ٩] ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ [الأحقاف/ ٤] ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ [القصص/ ٧١] ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ [الأحقاف/ ١٠] ، أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا [الكهف/ ٦٣] ، كلّ ذلك فيه معنى التّنبيه.

والرَّأْيُ: اعتقاد النّفس أحد النّقيضين عن


(١) البيت لكثير عزّة من قصيدة له مطلعها:
تظلّ ابنة الضمريّ في ظل نعمة ... إذا ما مشت من فوق صرح ممرّد
وهو في ديوانه ص ٤٣٥، واللسان: (رأى) ، والأغاني ١٥/ ١١١، والأضداد لابن الأنباري ص ٣٢٥، والمسائل الحلبيات ص ٤٧.
(٢) قال سيبويه: وممّا حذف في التخفيف لأنّ ما قبله ساكن قوله: أرى وترى ونرى. انظر: الكتاب ٢/ ١٦٥.
(٣) وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو بخلفه، وهشام وابن ذكوان وأبو بكر ويعقوب. الإتحاف ٣٨٢.

<<  <   >  >>